[بيان حال من يدعي الإيمان وينكر فضل العترة]
  وذكر تفضيل الله لهم مما يلزم علماءهم إظهاره، ولا يلحق كتمان ما اختصهم الله به من الفضل بالتواضع؛ لأن محمداً ÷ كان أشد الخلق تواضعاً، ومن أنكر ذلك كفر، فلم يكن يذكر شيئاً ينبي عن اتضاع منزلته، ولا يكتم شيئاً مما اختصه الله به؛ بل قال: «أنا أفضل ولد آدم ولا فخر(١)» فحدث بنعمة ربِّه، ونفى فَخْر الجاهلية بالمعاصي، فهذا قول نبيئنا ÷، وقد حكى الله عن عمينا داود وسليمان @ مثل ذلك، وهو ظاهر في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ١٥}[النمل]، فحمدا الله على تفضيله لهما على المؤمنين، واستثنى بدلالة اللفظ لأهل المعرفة من هو أعلى درجة منهما من النبيئين - سلام الله عليهم أجمعين - ولأن إظهار نعم الله - تعالى - واجب، وكتمانها كفر(٢)؛ لأن الشكر لا يكون إلا التعظيم للمشكور مع ذكر النعمة، فإذا تعرى من ذكر النعمة كان حمداً ولم يكن شكراً، ومثاله أنك إذا قلت فلان رفيع المكان، عظيم الشأن، كنت حامداً له ولم تكن شاكراً عند أهل المعرفة، وإذا قلت فعل لي فلان كذا وكذا من الإحسان، وهو رفيع المكان، عظيم الشأن قيل فلان شكر فلاناً وكان عند أهل العلم شاكراً، فلذلك ذكرنا ما خصّنا الله به من التفضيل على كافة عباده؛ إلا من خصه الدليل من النبيئين $ وأثنينا عليه بما هو أهله.
  قوله: (ومن عصانا كان في النيران): المعصية: هي المخالفة لأمر من تجب طاعته ها هنا، وهم أهل بيت النبوءة $ ومِنْ أمرهم للكافة إعتقاد فضلهم، والرجوع إلى طاعتهم.
(١) أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث طويل (٤/ ٢٥) رقم (٥٠٨٢) والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣٧٨)، والإمام المرشد بالله في الأمالي (١/ ١٥١).
(٢) كفرها (نخ).