شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان سبب قول المطرفية لا فضل إلا بعمل]

صفحة 347 - الجزء 1

  وأما دلالة الكتاب والسنة: فأكثر من أن نأتي عليها في مثل هذا الكتاب، وقد تقدم من ذلك طرف، ولا بد إنشاء الله - تعالى - من ذكر زبد كافية، وأدلة وافية، في إثبات ما يكون تذكرة للمنتهين، ووسيلة للمبتدئين، وموقظاً للغافلين، وحجَّة على المتجاهلين والمعاندين من الجاهلين.

[بيان سبب قول المطرفية لا فضل إلا بعمل]

  ولا أعلم لإنكار هذه الفرقة المنتسبة إلى أهل هذا البيت الشريف عند الله في الدنيا والآخرة وجهاً يصرف إليه إنكارهم لفضلهم - سيما مع إيهامهم للناس أنهم خواصهم وأتباعهم دون غيرهم، حتى إذا نسب إليهم خلافهم لهم ضجُّوا من ذلك وأنكروه - إلا عجبهم بنفوسهم وإستكثارهم لأعمالهم، وقولهم من أطول منَّا عبادة، وأكثر منَّا علماً؟ أولم يعلموا أن العترة المطهرة - التي ملكها الله - تعالى - أزمّتهم، وافترض عليهم الرجوع إليها في جميع الأوقات إلى آخر التعبد - أزكى منهم عبادة، وأغزر علماً، وأرجح حلماً، وأرصن فهماً، وكيف لا يكونون كذلك وأهل ذلك؟ وهم عترة رسول الله ÷ وورثة علمه، وصفوته من خلقه، فنتج العجب الذي ذكرنا أنه لا فضل إلا بعمل، وهذا، كما ترى، جهل، وقد قدمنَّا بيانه وانضاف إليه إعتقاد فاسد؛ وهو أنهم أعمل الناس فازدوجا وأنتجا أنهم أفضل الناس، ففرحوا بهذه النتيجة وأعجبوا بها، ولم يبلغ فهمهم إلى أن النتائج لا تصح إلا أن تكون مقدماتها صادقة، وأن العجب يحمل صَّاحبه على دعوى مالم يجعل الله له، فمن هناك يجب على العاقل التثبت في أمره، وإعمال الفكر في طلب نجاته، وحفظ قوانين دينه، وحراسة أقواله من المناقضة في إعتقاده.

  ألا ترى أنه من أوجب على نفسه وعلى الناس الرجوع إلى قوم مخصوصين، وأظهر أنهم عنده ولاة الأمر في الكافة، ثم قال بعد ذلك: إلا أنهم لا فضل لهم إلا بعمل، وفي العاملين كثرة كما علم الكافة، كان لقائل أن يقول له: إنك ناقضت في كلامك؛ لأنك أوجبت علينا الرجوع إلى قوم لا لأمر يوجبه ولا برهان يدل عليه؛ لأن في كل فرقة عاملاً