شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في فضل أهل البيت (ع) وذكر المخالف في ذلك]

صفحة 363 - الجزء 1

  وصرح بالتفضيل بلفظ آخر، وهو رفع الدرجات؛ لأنه يعود في المعنى إلى ما تقدم، لأن من رفع الله درجته فقد فضله بلا بد⁣(⁣١)، ولا نعلم بين أحد من علماء آل محمد À في عصرنا ولا قبلنا ولا بين أحد من علماء شيعتهم إختلافاً في أن من ردّ نصاً من ظواهر كتاب الله - تعالى - كفر، ولهذا قضوا جميعاً بكفر الباطنية وردتهم، لردهم لظواهر النصوص، وتعسفهم في تأويلها، فما الملجيء إلى الدخول في بابهم، لولا عمى البصائر.

  هذا الحكيم، سبحانه، يقول مصرحاً: إنه فضل بعض خلقه على بعض، فما الموجب لأن يركب هذا المركب، حراسة للمذهب الذي لم يؤخذ عن عترة رسول الله ÷، الذين هم الوصلة إلى الله، وأحد هاديي الأمة، ولا يوجد عليه شاهد من كتاب الله - تعالى - الذي هو الشاهد الآخر وبأيدي العترة الطاهرة زمامه، وهم تراجمته وحكامه، هذا لا يسع عاقلاً لمثل ذلك الغرض ركوبُه، وليس إذا كره المفضول أن يجعل الله - تعالى - فوقه من خلقه أحداً بفعل الله - سبحانه - له ذلك، ولا تكون كراهته قادحة في حكمة الحكيم، ولا حاملة لأهل العقول على إرتكاب أحد باطلين عظيمين.

  إمَّا أن الله - تعالى - ظالم في ذلك، وهذا باطل؛ لأن حد الظلم، قد قدمنا ذكره في باب العدل، وهو مفقود في فعله تعالى؛ بل كل أفعاله حسنة جميلة، محبوبها ومكروهها.

  والباطل الثاني: إنكاره أن يكون التفضيل من فعله، وقد صرح بفعله في كتابه العزيز، فيكون هذا رداً لكتابه، ومخالفة لأمره، وهذا باطل عظيم ينتهي بصاحبه إلى الكفر بإجماع العترة الطاهرة، كما قدمنا، وقد أدى إلى هذين الباطلين، كما ترى، إنكار تفضيل الله لمن يشاء من عباده بما شاء من أنواع رحمته، فيجب القضاء بفساده؛ لأن ما أدى إلى الباطل فهو باطل، ويكون فرض المفضولين الرضاء والتسليم ليعطيهم الله - تعالى - أجر الراضين، المُسَلِّمِين، الصابرين، ويجب على الفاضلين الشكر والإنصاف ليؤتيهم أجر المنصفين


(١) بلا بُدّ: لا محالة. تمت قاموس.