شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الهوى يعمي ويصم]

صفحة 402 - الجزء 1

[الهوى يعمي ويصم]

  [١٩]

  وَكَمْ أعُدُّ مِنْ كلامِ الجبَّارْ ... آياً وَمِنْ قولِ النبي المُختارْ

  وشَرْحِ أجدادي الحُمَاةِ الأبرَارْ ... مِنْ حُجَّةٍ لائحةٍ للأبصارْ

  (كم) إسم غير متمكن، وقد يكون إستفهاماً، وقد يكون خبراً، ولهما أحكام ليس هذا موضع ذكرها، وهي تدل على التكثير في الخبر، والإستفهام جملة لا تفصيلاً، ولها شبه برُبَّ في بعض أحكامها، ولذلك تعمل في بعض الحالات عملها، ورُبَّ تقصر عنها؛ لأنها حرف ولا يصلح إلاَّ للخبر، وهي نقيضتها في الدلالة؛ لأنها تكشف عن التقليل، فقوله (كم): يريد؛ كثيراً ما أعد من كلام الجبَّار.

  (والجبَّار) هاهنا: هو الله - سبحانه - والجبَّار في أصل اللغة: هي النخلة التي لا تنالها الأيدي طولاً، فلما كان تعالى لا تناله الأيدي عظمة، ولإجلاله سمي جبَّاراً، وسمي بذلك لذلك.

  و (آياً): جمع آية، والآية: هي الدلالة والعلامة، يقول قائل أهل اللغة: ما آية ذلك؟ أي ما دلالته، فلما كان كل فصل من كتاب الله - تعالى - دلالة باهرة سُمي كل فصل من كلامه تعالى آية.

  و (أجداده): هم الأئمة $، وسماهم (حماة) لدفاعهم عن الدين، وجهادهم في سبيل ربِّ العالمين.

  و (الأبرار): هم المطهَّرون من دنس الأوزار، المنقطعون في طاعة العزيز القهار، وكذلك حالهم $ وشرحهم علومهم، وقد ذكر منه ما تقدم مما في بعضه كفاية لمن أبصر، وعبرة لمن إعتبر، وما يتذكر إلاَّ أولوا الألباب، ولا يمْنَحُ التوفيقُ إلاَّ من أناب.