[ذكر أقوال الأئمة (ع) في التفضيل]
  إلى بعض الجهات فولاها عمرو بن محمد بن خالد بن الزبير، فظهر أمره # ظهوراً شافياً، وغلب أخوه إبراهيم @ على البصرة وما والاها، وعلى واسط، والأهواز، وأعمال فارس، وهزمت بعوث أبي جعفر مرة بعد أخرى، وتسمى بالإسم الذي سمَّاه به رسول الله ÷ النفس الزكيَّة، والمهدي لدين الله، وخوطب بأمير المؤمنين، وهو أول(١) من خوطب به من العترة بعد علي # وبعده محمد بن جعفر بن محمد(٢)، واضطرب منه أمر بني العباس اضطراباً شديداً، وجرت بينه # وبين أبي جعفر مراسلات ومكاتبات، شرحها يطول(٣)، كل واحد من محمد #
  وأبي جعفر يعرض على الآخر الدخول في بيعته ويعطيه الأمان على نفسه وأهله وأحبابه وشيعته وأتباعه؛ إلاَّ أن عقود أبي جعفر مطلقة وعقود محمد # مقيَّدة بالطاعة لله - تعالى - والإنقياد لأمره، والإنصاف من النفس، فانتهى الأمر إلى المحاربة، فوجَّه أبو جعفر إلى محمد # جنداً كثيفاً عليهم عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس وفيهم وجوه الأجناد، وكبار(٤) القواد، وفيهم حميد بن قحطبة الطائي(٥) - لعنه الله -، فلما صاروا إلى المدينة وحطوا بناحيتها وقد كان # خندقها أمر إليهم # رجلاً من الإنصار صليباً ورعاً فصيحاً عالماً، وكان ذلك الرجل كالكاره لقيامه # والجهاد بين يديه يدعوهم إلى الله - تعالى - وإلى طاعته والدخول في بيعة الإمام المهدي من ذرية نبيئه - ﷺ وعلى أهله - الهادي بهديه السائر بسيرته، فكان جوابهم لذلك الرجل أن قالوا: (قل لصاحبك
= روى عنه خلق، وثقه أحمد، وابن معين، وابن القطان، وذكره ابن حبان في الثقات.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال الفضل بن موسى: كان ممن خرج مع محمد بن عبدالله بن حسن، توفي بالمدينة سنة (١٥٣ هـ) وعمره (٧٠) سنة. ميزان الاعتدال (٤/ ٢٤٦)، تهذيب التهذيب (٣/ ٣٠٤).
(١) قال للإمام أبو طالب (ع) في الإفادة في تاريخ الأئمة السادة (٥٦) في ذكر الإمام محمد بن عبدالله (ع): وهو أول من ظهر من آل رسول الله ÷ فخوطب بأمير المؤمنين وبعده محمد بن جعفر بن محمد (ع) انتهى.
(٢) الإمام الصوام أبو علي محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب $، كان فاضلاً عابداً شجاعاً سخياً عالماً، جمع خصال الكمال، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ودعا إلى الله سبحانه وتعالى بمكة المشرفة سنة مائتين كما حكاه صاحب الطبقات عن الذهبي، وكان يخرج للصلاة في مكة في ثلاثمائة رجل من الزيدية عليهم ثياب الصوف، وكان له وقعات كثيرة مع الجنود العباسية، كان اليد فيها له #، ثم أسر في أحد المعارك ووجه إلى المأمون العباسي فتلقاه بالإنصاف، ثم دس له السم، وتوفي سنة نيف ومائتين، وقبره بجرجان.
التحف شرح الزلف ص ١٥٢، الشافي ج ١ ص ٢٥٨، الطبقات - خ -.
(٣) ذكر ما دار بينهما من المكاتبات والمراسلات السيد أبو العباس الحسني # في المصابيح ص (٤٣٧) والطبري في أحداث سنة (١٤٥ هـ) (٦/ ٤٩٦)، والشهيد حميد في الحدائق الوردية.
(٤) نخ (ن): وكفار القواد.
(٥) حميد بن قحطبة بن شبيب الطائي، أمير من القادة الطغاة، ولي إمرة مصر سنة (١٤٣ هـ) ثم إمرة الجزيرة، ووجه لغزو أرمينية سنة (١٤٨ هـ) ولغزو كابل سنة (١٥٢ هـ) ثم جُعل أميراً على خراسان فأقام إلى أن مات فيها سنة (١٥٩ هـ). الأعلام (٢/ ٢٨٣).