[ذكر طرف من أمر الإمام الحسين بن علي الفخي (ع)]
  الرفيق الأعلى مع محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين - على محمد وعليهم أفضل الصلاة والسلام -.
  وقد روينا في قطعنا على ذلك عن النبي ÷ أنه قال: «ذخرت شفاعتي لثلاثة من أمتي: لرجل أحب أهل بيتي بقلبه ولسانه، ورجل قضى حوائجهم لما احتاجوا إليه، ورجل ضارب بين أيديهم بسيفه»، وقد جمعوا هذه الموجبات كلها للشفاعة - رحمة الله عليهم - فلذلك قطعنا على مصيرهم في جوار الحكيم - سبحانه - في جنَّة لا يظعن مقيمها، ولا ينفد نعيمها، ولا يهرم شبابها، ولا ييأس أربابها، ولا يكدر شرابها، ولا تهجم قبابها، فهم فيها ناعمون، ومن جميع المنغصات سالمون، فَأَهْوِن بصبر ساعة أورث ما هذا حاله، فنسأل الله - تعالى - الخلود في جنانه، والمصير إلى رضوانه.
  (الروع): هو القتال والصياح، وسمي روعاً لإرتياع القلوب فيه وهو ميلانها، أخذ من راع يريع إذا مال.
  و (الأسل) والأسلات: الرماح.
  و (الفشل): نقيض الثبات، وهو الإختلاط عن الحرب.
  و (الجزع): هو شدة الحزن، وهو نقيض السرور، ومنه يتولد الغم، وهو ثمرة الجبن المناقض للشجاعة - نعوذ بالله منه - فهو من المناقص الكبار - أعني الجبن -.
  و (صاب الموت): يريد مرارته، والعرب تستعير المُرَّ لما تكره، والحلو لما تحب، وإن لم يقع فيه حقيقة المرارة والحلاوة، ورأيت في كتب اللغة (الصاب) الحنظل، ووجدتهم في أشعارهم فرقوا بينهم؛ بل رأيت ما يدل على أنهم جعلوه إسماً للصبر أو الصوب(١)، فهو على الجملة شجرة من كريهة المطعم، شَبَّه الموت بها لمرارته إلاَّ عند من علم بما في مقابلته من الثواب الجسيم، والنفع العظيم؛ فإنه يستحليه ويستعذبه ويهون عليه مشربه.
(١) وفي نسخة (ن): الصبر أو الصاب، وفي (نخ): للصبر أو الضرب.