شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان الوجه في تسمية يوم القيامة بيوم العرض وحال الناس فيه]

صفحة 534 - الجزء 1

  وشحاك الضلال، ومن فات عقوبة الله - تعالى - بأيديهم في الدنيا والآخرة، فليس بفائت في يوم يشيب فيه الأطفال، ويعظم البلبال، وتشتعل النار، وتراكم الأهوال، يوم ليس فيه دينار ولا درهم، ولا ذهب ولا فضة، لا يؤخذ فيه فدية، ولا تنفع شفاعة، ولا تقبل معذرة، ولا هم من الله يصحبون، ولا من العذاب يرحمون، ولا من النار يخرجون، إنما هي الحسنات والسيئات.

  ومعنى (أعددته): دخرته، لا فرق بين ذلك.

  و (يوم العرض): هو يوم القيامة، نعوذ بالله من شدائده، وأهواله، ونسأله الصلاة على محمد وآله.

[بيان الوجه في تسمية يوم القيامة بيوم العرض وحال الناس فيه]

  وسمي يوم العرض لوجهين؛ أحدهما: أن العباد يعرضون فيه على الله - تعالى - {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}⁣[النجم].

  وثانيهما: أن أعمالهم تعرض عليهم فيستأنسون إلى حسنها، ويستوحشون من قبيحها، فيقولون ما حكى الله - تعالى - عنهم: {يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف].

  قوله: (يوماً به المرءُ ثقيل النهضِ): وذلك من صفة ذلك اليوم، لأن المؤمنين يدخلون الجنَّة على قدر أعمالهم في البُطو والسرعة، منهم كالبرق الخاطف، ومنهم كالطائر، ومنهم كأسرع دابة في الأرض، ومنهم دون ذلك، ومنهم لا يدخل الجنَّة إلاَّ زحفاً. ولم نقل هذا إلاَّ لأثر بلغنا عن أبينا رسول الله ÷، ولسنا نمنع ألا يكون مع كثير ممن خالفنا من هذا الذي قلنا خبر ولا أثر، فالحمد لله الذي هدانا لما جهله المفرِطُون والمفَرّطون، واعتقل دونه المتورطون، وجعلنا نمرقة وسطى يرجع إليها الغالي، ويلحق بها التالي.