شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[قصة أخرى لابن عباس | ومعاوية]

صفحة 550 - الجزء 1

  فأجابه ابن عباس | بقوله: يا معاوية إنَّا وإن كان لنا من الأسماء ما ذكرت فأحبها إلينا الإسم الذي أطعمنا الله به من جوع وأمننا من خوف، أمَّا بعد: فإن الله نظر إلى أهل الأرض جميعاً فاختار منهم رجلاً واحداً، من خير الأحياء حياً فكان ذلك الرجل محمداً ÷ من حي واحد من أحياء قريش وهم بنو هاشم، ثم خصنا الله - تعالى - بقرابتنا منه إذ قرن حقنا بحقه فيما فرض له ولنا معه من الفيء والغنيمة، وأخرجنا من الصَّدقات، فلم يخرجنا مما أدخله فيه، ولم يدخلنا فيما أخرجه منه، ونحن معه يوم القيامة بالقرابة، ولنا بِكْرُ شفاعته، وقد قال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}⁣[الشورى: ٢٣]، وقال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}⁣[طه: ١٣٢]، فأمر الناس بها كافة وخصنا معه بالذكر.

  وأمَّا قولك يا معاوية: إنَّا عرفنا صغر قدرنا،. فمن ذا الذي في قريش أعظم منَّا قدراً، نحن أزمة الجاهلية وهداة الإسلام، ولم تختلف الأمة أن قريشاً أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش، وأن أهل بيت محمد ÷ أفضل بني هاشم، وأن علي بن أبي طالب أفضل أهل البيت.

  وأمَّا قولك: إنَّا عرفنا أن لا حق لنا فيها،. فلو عرفنا ذلك أمس عرفناه اليوم، ولعمري ما استفدنا جهلاً بعد علمنا، ولا نخاف بعد علم جهلاً، ولعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.

  فقال في ذلك قيس بن سعد بن عبادة:

  قل لابن صخر جهاراً إن مررت به ... ما ذا دعاكم إلى هيج ابن عباسِ

  ما ذا دعاكم إلى أفعى مصممة ... رقشا لها نفث عال على الناسِ

  مهما يقل قالت الأحياء قاطبة ... هذا البيان وهذا الحق في الناسِ

  فانظروا - رحمكم الله - ما أكثر أتباع معاوية - لعنه الله - ممن زعم⁣(⁣١) أنه عدوه - في إنكار


(١) نخ (ن): ممن يزعم.