شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر ما يؤيد ما قاله في نبوة عيسى (ع) في حال صغره]

صفحة 555 - الجزء 1

[ذكر ما يؤيد ما قاله في نبوة عيسى (ع) في حال صغره]

  وممَّا يؤيد ما قلناه في نبوءة عيسى # في حال صغره ما رويناه بالإسناد الموثوق به إلى الإمام السّيد فقيه آل رسول الله ÷ أحمد بن عيسى بن زيد # بإسناده إلى على بن أبي طالب - رضوان الله عليه - في كتابه الذي وسمناه بـ (بدائع الأنوار في محاسن الآثار): أن عليًّا # قال: نزلت مع رسول الله ÷ في قبر ولده إبراهيم - رضوان الله عليه - فلما وضعه النبي ÷ في لحده، وأضجعه على يمينه، غمس يده الطيبة المباركة عند رأسه في التراب إلى الكوع وقال: «ختمتك من الشيطان أن يدخلك»، ثم التفت إلىَّ فقال: «يا علي إن كان إبراهيم لنبياً»⁣(⁣١) ثم فاضت عينا رسول الله ÷، وبكا المسلمون حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء، فنهاهم ÷ وقال: «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يغضب الرَّب، وإنا من بعدك يا إبراهيم لموجعون، ثم قال: لو عاش ما أذنت في إسترقاق قبطي ولا قبطية»؛ لأن أمه ~ كانت من القبط، ويجوز أن يكون الله - سبحانه وتعالى - أعلمه أن في المعلوم أن إبراهيم # إن حيي كان استرقاق القبط مفسدة في الدين، فقال ذلك # عن أمر الله - تعالى - لأن الله تعالى يعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون، كما قال تعالى في أهل النار: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}⁣[الأنعام: ٢٨].

  وفي المعلوم أنهم لا يردون، كما يعلم أن استرقاق العرب مفسدة في الأزمنة بعد النبي ÷، وقد كان قبل ذلك حلالاً، وإنما كان ذلك كذلك لأن التعبد يجوز إختلافه بالأزمنة والأمكنة والمتعبدين، خلافاً لما ذهبت إليه اليهود - لعنهم الله -


(١) رأب الصدع (أمالي أحمد بن عيسى) (٢/ ٧٩٣)، وقال في التخريج: في الجامع: «لو عاش إبراهيم لكان صديقاً نبياً» رواه البارودي عن أنس، وابن عساكر عن جابر، وعن ابن عباس وابن أبي أوفى، ورواه أيضاً الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (خ).