شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الطرق الدالة على حدوث الأجسام]

صفحة 102 - الجزء 1

  و (الحدوث): هو الكون بعد العدم.

  و (قَرْنُ الأحوال⁣(⁣١)): هو الجسم والجوهر، سمي قرناً لها، لمقارنة وجوده لوجودها، ولا توجد أبداً إلا فيه.

  و (الخروج): نقيض الدخول، والجسم إذا كان مجتمعاً ثم افترق خرج من الإجتماع إلى الإفتراق لغة وعرفاً.

  والمعنى على التحقيق: إذا عدم عنه الإجتماع لحصول ضدّه الذي هو الإفتراق، ولا شكّ أن الجسم لا يخلو عن هذه الأحوال التي هي إما الإجتماع أو الإفتراق، أو الحركة أو السكون، ولو رفعنا وجوده لا على أحدهما ارتفع وجوده عن الذهن جملة وهي متضادّة، فالحركة ضد السكون، والإجتماع ضد الإفتراق.

  (وكونهنّ للذات) هو حصولهنّ لغير مؤثر من فاعل ولا علّة، على نحو ما تقدم، فيقول:

  (لو كنّ للذات): لم يخرج الجسم عن أحدهنّ مع بقاء ذاته، وكان يلزم أيضاً من كونهنّ للذات أمر مستحيل وهو وجوب إجتماعهنّ للجسم في حالة واحدة مع المضادة وذلك محال، فما أدى إليه يجب أن يكون محالاً، وإنما يستحيل خروج الموصوف عن صفة الذات، لأن صفة الذات يجب بقاء الذات عليها ما دامت ذاتاً، وهي لا تخرج عن كونها ذاتاً لأنه يستحيل عدم الموجَب مع الموجِب وذلك ظاهر، يؤيده: أنها مع الأوقات والجهات على سواء.


(١) ورابعها: سأل أيده الله عن القول في شرح الرسالة الناصحة: دل على حدوث قرن الأحوال.

قال أيده الله: والأحوال هاهنا عبارة عن الصفات فكيف اقترنت بها الأجسام وليست الصفات أشياء فيصح فيها حدوث أو قدم؟

الجواب عن ذلك: أن المقارنة بين المعاني والأجسام والأحوال مقتضيات عن المعاني، وسمى المعاني أحوالاً توسعاً لما كانت دالة عليها، ومثل ذلك شائع، ولهذا فإنه جوز في الشرح ذكر المعاني، وجعلها الدليل، ويبني القول عنها؛ وإنما الصفات كالمعبرة عنها بلسان الحال، فاعلم ذلك موفقاً.