شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر مسائل أصول الدين وما يتبعها]

صفحة 115 - الجزء 1

  قلنا: إنما دعا لأبيه مشروطاً بسلامة الحال، والإستمرار على الإنابة إلى ذي الجلال، وذلك ظاهر؛ لأنه سبحانه أخبر أن دعاه كان لوعده له أنه إن دعى⁣(⁣١) له تاب إلى الله - تعالى - فلما علم خليله أن وعده مدخول، وعزمه منقوض، وأنه لا خير فيه، فتبرأ عنه عند ذلك وأبدى له البغضاء، وأوصل إليه # ما أمكنه من منافع الدنيا، والدعاء المشروط لا يجاب إلا بعد الإتيان بالشرط، فافهم ما سألت عنه موفقاً.

[شبهة؛ هل تقف أفعاله تعالى على شروط تحصل من قبلنا؟ والجواب عليها]

  فإن قيل: كيف يقف ما ذكرتم من إلحاق الله - سبحانه وتعالى - للأبناء بالآباء كما ذكرتم في أحكام الدنيا على شرط؟، وهل تقف أفعاله تعالى على شروط تحصل من قبلنا؟.

  قلنا: نعم؛ وذلك ظاهر لأن الأمر فيه أعم، لأن أكثر أحكامه سبحانه فينا وعلينا في الآخرة والدنيا، موقوف على أفعالنا، ألا تسمع إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}⁣[محمد: ١٧]؟!، فشرط سبحانه شرطاً معنوياً لزيادة الهدى الذي هو من فعله بوقوع الإهتداء الذي هو من فعلنا، ولأن حكمه علينا بالإيمان تابع للإيمان الذي هو فعلنا وهذا ظاهر، فلا وجه للإطالة فيه.

[شبهة في أن الاستدلال بآية: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} ... إلخ يوجب ثبوت الأمر لجميع أولاد علي (ع) والجواب عليها]

  فإن قيل: فإن سلم لكم إستدلالكم فيما تقدم بما قدمتم من البراهين فها هنا أمر نأتي به يهدم قاعدة بنيانكم، وهو: أن إستدلالكم في هذه الآية يوجب ثبوت الأمر لجميع أولاد علي عليه وعليهم السلام، فإما أن تثبتوا الإمامة للجميع، وإما أن تنقضوا ما قدمتم.


(١) لقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ١١٤}⁣[التوبة].