شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في مسألة قادر]

صفحة 135 - الجزء 1

  فقال: (وهو تعالى ذو الجلال قادر): يريد بذي الجلال: الله سبحانه، و (الجلال) هو: عظم الشأن، وارتفاع الحال؛ ولا أعظم منه سبحانه شأناً، وأظهر سلطاناً.

  و (القادر): نقيض العاجز.

  لأن القادر: هو المختص بصفة لاختصاصه بها يصح منه الفعل إذا لم يكن ثم مانع⁣(⁣١) ولا ما يجري مجرى المنع⁣(⁣٢)، ويجوز⁣(⁣٣) أن لا يوجد.

  ومن أصحابنا من زاد في الحقيقة إذا كان معه مقدوراً له؛ ونحن لا نوجب هذه الزيادة؛ لأن العاجز كان يدخل في هذه الحقيقة؛ لأن الفعل يصح منه إذا كان مقدوراً له؛ إذ يستحيل كونه مقدوراً له، وليس بقادر عليه، وذلك ظاهر.

  والعاجز: هو المختص بصفة لاختصاصه بها يتعذر منه الفعل، وإن لم يقع ثم منع، ولا ما يجري مجراه، وصفته بالعكس من صفة القادر.

  وفعله تعالى الصادر عن الجواز؛ هو ما تقدم ذكره من الأجسام والأعراض.

  ومعنى قوله: ويجوز أن لا يوجد: بأن لا يختار تعالى إيجاده؛ وهذا حكم أفعال الفاعلين.

  قوله: (وذاك في أهل اللسان ظاهر): يريد؛ أهل اللغة العربية؛ فإنهم يسمون من وجد منه الفعل على هذا الوجه قادراً، وقد يغفلون تأثير العلل جملة فلا يسمونها قادرة، ألا


(١) المانع: مثل القيد والحبس وإحداث ضد الفعل، أو منع من هو أقدر منه، أو تعذر فعل سببه، أو كونه غير عالم بكيفية الفعل. تمت.

(٢) الذي يجري مجرى المنع مثل فقد الآلة كآلة الكتابة وغيرها، ولايجوز ذلك إلا في حقنا أما الباري جل وعلا فلا يجوز ذلك في حقه لأنه على كل شيء قدير، وهو قادر على جميع المقدورات، ولا يحتاج إلى آلة في ثبوت الفعل من قبله، ولأن ذلك من صفات النقص؛ لأنه يدخل بالعجز على الله جل وعلا، وهو يتعالى عن ذلك. تمت.

(٣) والمعنى في ذلك: أن القادر الذي يصح منه الفعل، يجوز منه إيجاد الفعل وعدم إيجاده، لأن عدم إيجاد الفعل مع القدرة عليه لا يمنع من كونه مقدوراً للقادر وذلك معلوم للمتأمل.