شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في مسألة قادر]

صفحة 134 - الجزء 1

  تخلو: إما أن تكون موجودة أو معدومة.

  باطل أن تكون هذه الحوادث حدثت لعلة معدومة؛ لأن العدم لا أول له فكان يجب قدمها وقد ثبت حدوثها.

  وباطل أن تكون لعلة موجودة؛ لأنها كانت لا تخلو: إما أن تكون قديمة أو محدثة.

  فإن كانت العلة قديمة وجب قدم الحوادث لقدم علتها، واستحالة تراخي المعلول عن العلة، وقد ثبت حدوثها.

  وباطل أن تكون هذه الحوادث لعلة محدثة، لأن الكلام كان ينتقل إليها فيقال: لماذا حدثت؟، فإن كان لعلّة قديمة لزم ما قدمنا أولاً وقد ثبت بطلانه، وإن كان لعلة محدثة أيضاً أدَّى إلى التسلسل، ووقوف حدوث الحوادث التي قد صح حدوثها على حدوث ما لا نهاية له وذلك محال؛ فلم يبقَ إلا القول بحاجتها إلى مؤثر هو فاعل مختار يوجدها قدراً بعد قدر، حالاً بعد حال، على مقدار ما يعلم من المصلحة، وليس إلا الله - سبحانه وتعالى -.

[الكلام في مسألة قادر]

  [١١]

  وهوَ تعالى ذو الجلالِ قادِرُ ... إذ فعلهُ عَنِ الجوازِ صَادِرُ

  أَعراضُ ما رَكَّبَ والجواهرُ ... وذاكَ في أهلِ اللِّسانِ ظاهرُ

  عِنْد ذوي الفِطْنَةِ والجُهَّالِ

  لما فرغ من الكلام على إثبات الصَّانع تعالى بما تقدم من دلالة حدوث الأجسام؛ وأنه لا بد لها من محدث فاعل مختار، عقبه بالكلام على أنه تعالى قادر، لاستحالة صحة الكلام فيه هل هو قادر أو ليس بقادر، ولمَّا يصح العلم بثبوت ذاته وذلك ظاهر.