[الكلام في مسألة حي]
  قوله: (وكل من كان عليماً قادراً): يريد كل من كان عالماً ومعنى عليم وعالم واحد؛ إلا أن في عليم معنى المبالغة، ومعنى (قادر) قد قدمناه في مسألة قادر.
  قوله: (لذاته): يريد أن ذاته كافيةٌ في حصول هذه الصفة له تعالى من دون مؤثر من فاعل ولا علة؛ لأن الفاعل والعلة لا يؤثران إلا بشرط التقدم على المفعول والمعلول، وقد تقدم في دلالة حدوث الأجسام وأنه تعالى محدثها ما يدل على أنه تعالى قديم لاستحالة وجود الأجسام من المحدث؛ فوجب ثبوت صفاته تعالى(١) للذات، وإذا ثبت أنه عالم قادر وجب كونه حياً، لاستحالة صحة معنى العلم والقدرة لمن رفعنا عن أذهاننا كونه حياً كالميت والجماد وسيأتي ما يزيده بياناً بمشيئة الله تعالى.
  وقوله: (وناهياً لخلقه وآمراً) النهي(٢): قول القائل لغيره لا تفعل على وجه الإستعلاء بشرط الكراهة، وهو نقيض الأمر.
  إذ الأمر قول القائل لغيره: إفعل أو لتفعل على وجه الإستعلاء بشرط الإرادة.
  وذكرُ الأمرِ والنهي، وقبولِ التوب والمغفرةِ له وجه صحيح في الإستدلال على أنه تعالى حي، وإن كان إثبات الإرادة والكراهة تترتب على العلم بالحياة من حيث أن دليلنا على إرادته تعالى وكراهته؛ لا يوجد إلا من وقوع أفعاله، على وجوه مختلفة، فذلك ملازم لدلالة كونه تعالى عالماً قادراً؛ وإذا كان الأمر كذلك فهو تعالى لا يأمر إلا بما يريد، ولا ينهى إلا عما يكره.
  ويستحيل كونه مريداً وكارهاً لذاته؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن لا تقع أكثر أفعاله(٣)، وقد وقعت؛ فثبت أنه مريد بإرادة؛ وكذلك كاره بكراهة، والإرادة والكراهة يستحيل إيجابهما لغير الحي على ما ذلك مقرر في مواضعه من كتب الأصول.
(١) في (ن): ناقص (تعالى).
(٢) في (ن): النهي هو ... إلخ.
(٣) لأن الله ø يريد الإيمان من جميع عباده، ويكره الكفر، ويريد فعل الطاعات، ويكره المعاصي، والمعلوم أن من العباد المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي؛ فلو كانت إرادته لذاته لوجب أن =