[باب القول في التوحيد]
  قوله: (وباطناً لخلقه): يريد من خلقه، فتستحيل رؤيته عليهم في الدنيا والآخرة فصار كأنه باطن.
  (وظاهراً) يقول: لما أظهر من الدلالة على ثبوت ذاته وصفاته سبحانه الجليَّة الواضحة؛ صار كأن العالم بها يشاهده - تعالى عن ذلك - لظهور الحال فيه وفيما أظهرسبحانه من الأدلة عليه دلالة على علمه وقدرته، وذلك دليل على أنه حي؛ فلذلك ذكرهما في هذه المسألة - أعني الباطن والظاهر -.
  قوله: (فذاك حي غير ذي اعتلال): يرجع إلى معنى قوله: (قادراً لذاته)؛ لأن القادر للذات لا يكون سوى الله - تعالى -.
  (والعلل) هاهنا: هي ما تحدث من الآفات، في الجوارح الآلات، والله - تعالى - تستحيل عليه الجوارح لأنه ليس بجسم، وذلك لا يكون إلا للأجسام على ما يأتي بيانه، فلهذا قال: (من كان عليماً(١) قادراً لذاته) إستحالة العلل في حقه، ووجب كونه حياً لمجرد صحة العلم والقدرة له، وإن جهلنا ما جهلنا، ألا ترى أنَّا إذا شاهدنا ذاتين أحدهما يصح أن يعلم ويقدر، والثاني يستحيل أن يعلم ويقدر؛ علمنا أن بينهما فرقاً ومزية، وإلا وجب إشتراكهما في استحالة صحة الفعل(٢) والقدرة منهما جميعاً أو صحة العلم والقدرة لهما جميعاً وذلك ظاهر؛ فإذا قد صح العلم لله - تعالى - والقدرة؛ بل وقع ذلك، بما تقدم من الدلالة، وجب كونه تعالى حياً، وثبوت هذه الصفة له في جميع الأحوال.
= تقع إرادته وأن يكون جميع العباد مؤمنين مطيعين، ومعلوم خلاف ذلك. والله أعلم.
(١) في الأصل: عالماً، والأظهر عليماً لأنه سياق البيت.
(٢) في (ن): صحة العلم والقدرة.