شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في] (مسألة غني)

صفحة 148 - الجزء 1

  وقوله: (إلى سداد البطن): لأن الحاجة كما تعلق بغير المأكول والمشروب فتعلقها بهما آكد.

  وقوله: (والأزواج): لأن النكاح نوع من أنواع اللذة التي توجبها الحاجة المستحيلة في حقه تعالى.

  قوله: (ومقتضى المحنة والإحراج): يريد أن يخاف المحنة التي هي الألم والغم وما أدى إليهما أو إلى أحدهما.

  و (الإحراج) الذي هو الضيق المبتني عليهما لا يجوز عليه تعالى كما لا تجوز عليه المنفعة.

  قوله: (قد عمَّ كل الخلق بالإفضال): يقول: مع أنه غني سبحانه، وهذه من صفات الكمال كلٌّ من الخلق محتاج إليه، وهذا كمال ثان، ثم لحق ذلك تمام لايبارى وهو عمومه كل الخلق بإفضاله وتغطيتهم بنواله سبحانه وتعالى.

  والدلالة على هذه المسألة بجمعك معاني ما قدمنا من الألفاظ أن تقول: الله سبحانه غني؛ لأنه حي ليس بمحتاج، وكل حي ليس بمحتاج يجب كونه غنياً.

  فإن قيل: ما الدليل على أنه حي؟، وما الدليل على أنه ليس بمحتاج؟، وما الدليل على أن من كان حياً غير محتاج وجب كونه غنياً؟.

  قلنا: الدليل على أنه تعالى حي: قد تقدم في مسألة حي.

  والدليل على أنه ليس بمحتاج: أنَّا لا نعقل الحاجة - ولا يجوز إثبات ما لا يعقل في حق الحي - إلا الدواعي الداعية إلى جلب النفع أو دفع الضرر.

  والنفع: هو اللذة والسرور وما أدى إليهما أو إلى أحدهما.

  والضرر: هو الألم والغم، وما أدى إليهما أو إلى أحدهما، لا يعقل النفع والضرر إلا ذلك، واللذة والسرور والألم والغم لا تجوز على الله - سبحانه - لأن ذلك لا يجوز إلا على المحدث، وهو تعالى قديم بما تقدم.