شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[باب القول في التوحيد]

صفحة 154 - الجزء 1

  و (المثاني): يريد؛ دلالة السمع؛ لأن المثاني القرآن في إحدى آيتي⁣(⁣١) ذكر المثاني، ودلالة القرآن هي الدلالة السمعية.

  وقد نبَّه على الدلالة العقلية بقوله: (لو كان ثان): يريد؛ لو صحت التثنية ظهرا و (هما ضدان) المضادة اللغوية، يريد: متعاديان متنافران كل منهما يريد أن يكون الملك له.

  قوله: (وظهر المنكر في البلدان): يريد بالمنكر الفساد؛ وهو إهلاك كل واحد منهما لما خلق صاحبه، وإفساده لما أصلح.

  قوله: (ولم يسلم أول للتالي): يقول: لم يسلم واحد منهما [لصاحبه⁣(⁣٢)]؛ لأن التسليم دلالة العجز.

  ولا يجوز صرف التسليم إلى الحكمة؛ لأن ذلك مبني على الوقوع الذي يقتضي تقدير الجائز باستحالته.

  ومعنى ذلك أنه لو كان ثانياً مفروضاً - تعالى عن ذلك - وقدرنا أمراً ممكنا وهو أن أحدهما أراد تحريك جسم في حال وأراد الآخر تسكينه كانت الحال لا تخلو من ثلاثة وجوه:

  إما أن يحصل مرادهما معاً فيكون الجسم متحركاً ساكناً دفعة واحدة، وذلك محال.

  وإما أن لايحصل مراد أحدهما فيخلو الجسم من الحركة والسكون معاً، وذلك محال.


(١) الآيتان في ذكر المثاني هما:

١ - قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ ٨٧}⁣[الحجر].

٢ - قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} ... إلخ الآية [الزمر: ٢٣]، وهي المرادة في هذا الموضع.

(٢) زيادة من نسخة: (ن).