(مسألة الإمتحان)
  ولا أعظم من الله - سبحانه - ولا أشرف منه ولا أعلى، فثبت أن القبائح لا تجوز عليه إرادتها؛ لأن ذلك يؤدي إلى باطلين:
  إما أن لا يُذَمَّ مع وقوع القبيح من قبله - تعالى عنه - ومعلوم خلافه.
  وإما أن يُذَمَّ - تعالى عن ذلك - وذلك باطل؛ لأنه يجب حمده، ويستحيل ذمه، فلا مخلِّص من ذلك إلا القول بأنه تعالى لا يريد شيئاً من القبائح.
  وأما الأصل الثاني وهو أنه تعالى لا يفعل القبيح فقد تقدم بيانه فلا وجه لإعادته.
(مسألة الإمتحان)
  [٢٥]
  يَمْتَحِنُ العالمَ بالأمْرَاضِ ... والموتِ والشدَّةِ والأعرَاضِ
  لِلإعْتِبَارِ المَحْضِ والأعْوَاضِ ... وهو عَنِ المُمْتَحَنِيْنَ راضِي
  يُحِلُّهُم فَوْقَ المَحَلِّ العَالِي
  الخلاف في هذه المسألة واقع بيننا وبين فرق الكفر من الثنوية والطبائعية.
  فالثنوية فرقتان: المجوس وأصحاب النور والظلمة.
  فأهل النور والظلمة فرقتان: الديصانية والمانوية، ويلحق بهما فرقة يقال لهم المرقيونية.
  والطبائعية أهل أصل المقالة بالطبع، ثلاث فرق، وهم يتشعبون إلى فرق كثيرة لاختلافهم في فروع لهم، لا وجه لتطويل الكلام بذكرهم ها هنا؛ لأنا إذا قطعنا مقالة أهل الأصول إنحسم خلاف أهل الفروع.
  ولا خلاف نعلمه بين أهل الإسلام في أن الآلام والمحن الخارجة عن مقدور العباد لا فاعل لها إلا الله - سبحانه - إلا ما يذهب إليه طائفة من المطرفية، وقد طابقهم على ذلك - من ينتسب إلى الإسلام - الباطنية؛ إلا أن آبائنا $، لا يذكرون خلافهم في خلاف فرق الإسلام، لإلحادهم في أسماء الله - تعالى -، وتأويلهم للشريعة تأويلاً يؤول