شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(مسألة الإمتحان)

صفحة 166 - الجزء 1

  إلى الكفر، ورد ما علم من دين النبي ÷ ضرورة، ولولا خشية التطويل لذكرنا طرفاً مما يحكي عنهم الأئمة $ وعلماء الأمة.

[بيان مذهب المطرفية ومذهب المجوس في الإمتحانات وإبطالهما]

  فإذاً الخلاف لا يعلم من أحد من أهل الإسلام في مسألة الإمتحان إلا عن المطرفية، وهم لا يرجعون في نفيهم الآلام عن الله - تعالى - إلى أصل معين فيتعين الكلام عليه؛ لأنهم ربما رجعوا بالآلام، إلى إحالات الأجسام، وتأثيرات الطبائع، وهذا كما ترى يدخل الكلام عليه تحت الكلام على الطبائعية.

  وربما أضافوا الآلام إلى الشيطان وتعلقوا بظاهر قوله - تعالى - حا كياً عن صفة⁣(⁣١) أيوب #: {أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ٤١}⁣[ص]، وجهلوا تأويل هذه الآية، ولم يرجعوا إلى ورثة الكتاب في تفسيرها، وهذا القول يدخل في مقالة المجوس.

  لأن المجوس ذهبوا إلى أن العالم حدث عن صانعين عبروا عن أحدهما بيزدان، وعن الثاني باهرمن، ويزدان - تعالى عن قول الظالمين - عندهم الله، واهرمن الشيطان، فأضافوا كل نفعٍ، ولذةٍ، وخيرٍ، وصورةٍ حسنةٍ، وراحةٍ، وسعةٍ، وسرورٍ، إلى يزدان الذي هو عندهم الله تعالى.

  وكل ألمٍ، وغم، وضيقٍ، وشدةٍ، وصورةٍ وحيشةٍ، إلى اهرمن، وهم مجمعون على صفة يزدان، ومختلفون في صفة اهرمن، خلاف طويل لا يحتمل الكتاب ذكره.

  وحملهم على هذه المقالة القبيحة أنهم اعتقدوا أن الملاذّ كلها حسنة، والمكاره كلها قبيحة، فهذا غفلة عظيمة؛ لأن أكثر المكاره حسن، وأكثر الملاذ قبيح، فحملتهم هذه المقالة الردية على جواز نكاح الأمهات والأخوات؛ لاعتقادهم أن كل لذة حسنة، وجهلوا أن الفعل لا يحسن لصورته وإنما يحسن لوقوعه على وجه دون وجه.


(١) في (ن، م): صفيه.