[الحالة الزمنية التي عاشها الإمام (ع) ناشئا]
  ومن المعلوم أن اليمن ذات أهمية بالغة من الناحية التضاريسية، فهي تتمتع بجبالها الحصينة، وأرضها الخصبة، ومياهها العذبة.
  ومن الناحية التاريخية: فهي مشهورة بشخصياتها ورجالها الذين خلدوا أسماءهم، ونقشوا سيرهم على صفحات التاريخ القديم والحديث، وأهلها أهل نجدة وشجاعة وبسالة ووفاء.
  ومن الناحية الدينية: فهي من أوائل القبائل العربية دخولاً في الإسلام، وتمسكاً بأهل البيت $. وغير ذلك من المقومات المعيشية في اليمن.
  فكانت تلك الفترة فترة منافسة بين الدول العظمى والدويلات القائمة في اليمن. فالدولة الأيوبية (الغز) كانت قد بسطت نفوذها في اليمن، وانتشر الفساد، فشُربت الخمور، ونُكحت الذكور، وعملت أعمال الفجور، أما بالنسبة لما يدور في داخل الساحة اليمنية فكما قال المؤرخ الشامي في (تاريخ اليمن الفكري (٣/ ٢٢): (كانت حسب أقوال المؤرخين قد تمزقت إلى مشيخات ودويلات، فعدن وتعز إلى آل زريع، وذمار ومخاليفها لسلاطين جنب ومشائخها، وصنعاء وأعمالها إلى حدود الأهنوم يحكمها السلطان علي بن حاتم اليامي، وآل دعام يسيطرون على الجوف، والأشراف من أحفاد الإمام الهادي لهم صعدة وما إليها، وشهارة وما صاقبها لأولاد الإمام العياني، والجريب والشرف لسلاطين حجور، وتهامة اليمن للأشراف، وزبيد إلى بلاد حرض يملكها عبدالنبي بن مهدي، وأصبحت كما قال الشاعر:
  وتفرّقوا فرقاً فكلّ قبيلة ... فيها أمير المؤمنين ومنبر)
  انتهى.
  والذي سنى لهذه الدويلات التكاثر والتفرق هو خمود صوت الإمامة الزيدية في اليمن، فمن سنة (٥٦٦ هـ) العام الذي توفي فيه الإمام أحمد بن سليمان إلى سنة (٥٨٣ هـ) العام الذي فيه كانت دعوة الإمام المنصور بالله للإحتساب، لم يظهر إمام يضبط الأمور، ويقود الجمهور.