(مسألة الإمتحان)
  ولأنا نعلم ضرورة بقاء الألم في حالة حركة الواحد منا وسكونه؛ فثبت خروجه عن مقدور القادرين بقدرة من الشياطين وغيرهم.
  فإن قيل: فما معنى قول أيُّوب على وجه الإستفادة؟
  قلنا: المراد بالنُصْبِ والعذابِ هاهنا: الوسوسة، ففزع إلى الله - تعالى - ليعرف حكم الحادثة؛ لأنه لما أقسم ليجلدن إمرأته مائة جلدة، كان إذا أجمع(١) ~ على ذلك وسوسه بأن نبياً من أنبياء الله يجلد إمرأة مؤمنة مائة جلدة في غير حق الله - سبحانه - هذا لا يجوز، فإذا أضرب عن جلدها - ولم يكن من شرعه ~ الكفارة، لولا ذلك كَفَّرَ، ولم ينصب إليه شيء من الله - [وسوسه بأن نبياً من أنبياء الله(٢)] يحلف بالله على إمضاء أمر يقدر على إمضائه ولا يمضيه، فبقي في غاية النصب والعذاب، ففزع إلى خير مفزع وهو الله - سبحانه - فأمره بأمر أبرَّ فيه قسمه، وتحلل من إليته، ولم يؤذ المؤمنة وقوعه، فهذا أكبر ما يبلغ إليه كيد الشيطان، ويدخل تحت مقدوره.
  فأما تلك الآلام والأجسام، التي حدثت فيه #، فلا قادر عليها إلا الله - سبحانه - بالآثار والدلالة.
  وقد روينا للإمام الناصر لدين الله أبي الفتح بن الحسين الديلمي(٣) ~ في كتاب (البرهان في علوم القرآن) أنه # لما نزلت به الحادثة في النفس
(١) أجمع الأمر إذا عزم عليه. تمت مختار.
(٢) هكذا في جميع النسخ، والمعنى لا يستقيم، ولعل هنا سقط وهو: وسوسه بأن نبياً من أنبياء الله يحلف بالله ... إلخ.
(٣) هو الإمام الناصر لدين الله أبو الفتح بن الحسين بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب $، من أئمة أهل البيت علماً وفضلاً وشجاعة، دعا إلى الله في الديلم سنة ٤٣٠ هـ ثم خرج إلى اليمن فاستولى على أكثر بلاد مذحج وهمدان وخولان وانقادت له العرب وحارب الجنود الظالمة المتمردة والقرامطة. =