شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(فصل): (في أن القرآن: كلام الله تعالى)

صفحة 190 - الجزء 1

  و (الكتاب المنزل): هو القرآن، والله - سبحانه - أنزله ليهدينا به كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}⁣[البقرة: ١٨٥].

  قوله: (شاهده البر النبي المرسلُ): يريد دليله؛ لا فرق بين الشاهد والدليل، والحجة والبرهان، والآية في أصل اللغة معناها واحد، فهو يريد أن الدليل على أن هذا القرآن كلام الله - تعالى - أن النبي ÷ أخبر بذلك، وهو لا يخبر إلا بالصدق على ما يأتي بيانه.

  قوله: (موصل متلوّه مفصلُ): يقول: إن من الذكر الحكيم زاده الله شرفاً ما يجب توصيله في الحكم والتلاوة كقرآن الصلاة مثلاً، ومنه ما يجوز تفصيله فيهما جميعاً أو في أحدهما، ولا وجه لإنهاء القول فيه.

  قوله: (فيه الهدى مبين ومجملُ): (فالمبين): هو ما فهم من ظاهر لفظه مراد الله - سبحانه وتعالى - فيه، من دون اعتبار غيره من قول أو فعل وما يقوم مقامهما.

  (والمجمل): هو مالا يعلم المراد به إلا باعتبار غيره من قول أو فعل أو ما يقوم مقامهما، وموضع تفصيل ذلك أصول الفقه ذكر الواجب عليه فيه، وقد ذكرنا في (كتاب صفوة الإختيار⁣(⁣١)) ما يغني كل طالب، ويشفي كل راغب بحمد الله - تعالى -.

  قوله: (كالدر والياقوت واللآلي): يقول: إن القرآن الكريم في فصاحة لفظه، وجودَةِ معناه، ورشاقة تلاوته، وحسن تلائمه، وطلاوة ظاهره، وحلاوة باطنه، وحراسة نظمه، وعذوبة علمه، بمنزلة هذه الجواهر التي هي الدر والياقوت واللؤلؤ، فكما أنها أفضل جواهر الدنيا، كذلك القرآن الكريم أفضل كلام الأحياء.


(١) كتاب للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة # من أجلّ الكتب التي أُلفت في أصول الفقه، طُبع عن مركز أهل البيت (ع) للدراسات الإسلامية.