(الكلام في أن محمدا ÷ نبي مرسل)
  وأحسب أن معنى هذا البيت صفة شدة الإلحاق، وأنه يريد بالنبي ها هنا الراكب على ظهر الفرس أو الراحلة، فأدمى خفها أو حافرها ذلك النبي.
  وقوله: (مكان): يريد؛ لمكان، فحذف اللام لظهور ذلك وأمثاله في شعرهم كثير، وقد فسره أبو عبيد بغير هذا مع اتفاق الكافة ممن فسَّر هذا البيت من أهل العلم أن النبي هو المرتفع ها هنا.
  فأما الكاثب: فهو منسج الفرس، ويجوز أن يستعار لكاهل البعير وغيره، وقد حَصَلَتْ هذه المعاني كلها للنبي ÷ من كونه مُنْبَأ ومُنبِياً، ورفيع المنزلة عند الله - تعالى - وعند خلقه في الدنيا والآخرة، وقد ورد التعبد بذلك في القراءة بالهمز وبغير الهمز، وذكر مواضعه يطول الشرح، وظهوره لأهل العلم بالقراءة كافٍ.
  وقوله: (مهذب): يريد؛ مجرد عن كل مكروه في نسب وأدب، وخلق وسبب؛ لأن التهذيب في أصل اللغة: التجريد من المكاره، وقد علمه الله وفهمه مصالح نفسه ومصالح غيره، علمه الله - سبحانه - ذلك وهداه.
  و (المطهَّر): هو المنزه من القبائح والزنايا(١)، وقد نزهه الله عن ذلك بالعصمة.
  وقوله: (زكي): يريد؛ كثير النماء والبركة في قوله وعقبه، وذلك ظاهر؛ لأنه لا أشرف من ذريته (عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) في الذراري، ولا أنفع من قوله - عليه وآله السلام - في الأقوال.
  قوله: (اختصه بذلك العلي): يريد بالعلي: الله - سبحانه وتعالى - والإختصاص هو التمييز على الكافة.
= الكاثب هنا اسم جبل فيه رمل وحوله رواب يقال لها النبي، الواحد: ناب، مثل غار وغرى، يقول: لو قام فضالة على الصاقب وهو جبل يذلِّله لسهل له حتى يصير كالرمل الذي في الكاثب، ونصب مكان على الظرف ويقوم بمعنى يقام، والرتم: الكسر والدق. انتهى.
(١) جمع زاني وزانية، فلا يوجد في آبائه وأمهاته سفاح الجاهلية.