[الكلام في أن الله - تعالى - عدل حكيم ليس في أفعاله ظلم ولا عبث ولا سفه ولا شيء من القبيح]
  قلنا: هذا التجويز يفتح باب الجهالات فيجب القضاء بفساده؛ لأن لقائل أن يقول على هذا القول: جوزوا أن يكون بعد النبي ÷ أنبياء جاءوا بالمعجزات، ونسخوا شرع النبي ÷ وأوجبوا الحج إلى بيت آخر، وصيام شهر غير رمضان، أو أكثر، ومن انتهى إلى هذا التجويز فتعاميه مناظرة؛ إلا أن يكون مسلوب اللُّب فالله عاذره، فصح بما تقدم نبوءة النبي ÷، وبها يصح لنا العلم بنبوءة جميع الأنبياء ($) وكتبهم والملائكة والجن لأنه أخبر بجميع ذلك.
  زيادة إيضاح في أمره - عليه وآله السلام -:
  [٢٨]
  أيَّدهُ ربي بإِظْهَارِ العَلَمْ ... فصَارَ في هَامَةِ بَحْبُوح الكَرَمْ
  أفَضَلُ مَنْ يمشي على بَطنِ قَدَمْ ... وكلِ ذي لحمٍ من الخلقِ ودمْ
  مَنّاً مِنَ الواحدِ ذِي الجَلالِ
  هذا زيادة إيضاح في أمره - عليه وآله السلام -.
  قوله: (أيَّده ربي بإظهار العلَم): يقول إن الله - سبحانه - أعانه، ونصره على أعدائه؛ بإظهار معجزاته.
  والمعجزات قد تقدم الكلام في معناها، وهي أعلام النبوءة وأدلتها.
  و (العلَم): هو القرآن الكريم وسائر معجزاته - عليه وآله السلام - كإخباره بالغيوب في مثل قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ ٤٤}[القمر]، يريد بذلك قريشاً، فقال سبحانه: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ٤٥}[القمر]، وأحدٌ في تلك الحال لا يطمع بأن قريشاً تُغْلَب، فكان كما قال، فهزم جمعهم، وولوا الدبر، ووعده إحدى الطائفتين إما عير قريش، وكان فيها جلتهم ومشائخهم، وإما بعيرهم فيها صناديدهم