[الكلام في أن الله - تعالى - عدل حكيم ليس في أفعاله ظلم ولا عبث ولا سفه ولا شيء من القبيح]
  (فصار في هامة بحبوح الكرم) يقول إنه - عليه وآله السلام -: أقام على هامة وسط الكرم، وبحبوح كل شيءٍ: وسطه، ووسط كل شيءٍ خياره.
  والكرم ها هنا هو الشرف والرفعة، وتلك إستعارات جائزة، وكل ذلك لما أظهر الله - سبحانه - على يديه من المعجزات، وأيده به من الدلالات.
  قوله: (أفضل من يمشي): يريد؛ أنه أفضل الخلق من الأنبياء $ فمن دونهم وذلك معلوم من دينه - عليه وآله السلام -، وقد ثبت صدقه - عليه وآله السلام - كما تقدم من ظهور المعجز على يديه.
  قوله: (وكل ذي لحمٍ من الخلق ودم): زيادة تأكيد لما تقدم، يقول إنه ÷ أفضل البشر؛ لأنهم مختصون باللحم والدم دون غيرهم من المتعبدين من الجن والملائكة، لا يفتقرون إلى أزيد من الرطوبة، واليبوسة، والتخلخل في البنية.
  قوله: (منًّا من الواحد): المراد بالواحد ها هنا الله - سبحانه -.
  وقوله: (منًّا): يريد؛ تفضلاً؛ لأن المَّن إذا أطلق أفاد التفضل؛ لأنه لا يمن على الأجير بأجرته، ولا على البائع بثمن مبيعه، إلى ما شاكل ذلك لغة ولا عرفاً.
= إسحاق، عن سعيد بن مينا، عن جابر، قال: عملنا مع رسول الله ÷ في الخندق وكانت عندي شويهة سمينة، فقلنا: والله لوضعناها لرسول الله ÷ فأمرت امرأتي فطبخت شيئاً من شعير فصنعت لنا منه خبزاً وذبحت تلك الشاة فشويتها لرسول الله ÷ فلما أمسينا وأراد رسول الله ÷ الانصراف عن الخندق وكنا نعمل فيه نهاراً فإذا أمسينا رجعنا، قال: فقلت يا رسول الله إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا وعضنا شيئاً من خبز هذا الشعير وأحب أن تنصرف معي إلى منزلي وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله ÷ وحده؛ فلما قلت له ذلك، قال: نعم؛ ثم أمر صارخاً فصرخ: أن انصرفوا مع رسول الله ÷ إلى بيت جابر، قال: فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون فأقبل رسول الله ÷ وأقبل الناس معه فجلس وأخرجنا إليه قال: فبرك وسمى وأكل وتواردها الناس كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس حتى صدر أهل الخندق عنها وهم ثلاثة آلاف. انتهى المراد.