شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(مسألة الشفاعة)

صفحة 205 - الجزء 1

  وإسم المعصية واقع بالإتفاق على كل من فعل قبيحاً أو ترك واجباً، والتائب مستثنى بدلالة قوله سبحانه في مثل ذلك: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}⁣[الفرقان: ٧٠].

  وأما أن إخلاف الوعد والوعيد كذب: فلو جود حقيقة الكذب فيه لو وقع - تعالى عن وقوعه ربنا - لأن حقيقة الكذب: هو الخبر عن الشيء لا على ما هو به، كقول القائل: أقام زيد في الدار سنين كثيرة، وهو لم يقم فيها إلا يوماً واحداً فإن ذلك كذب عند جميع العقلاء، فلو أخرج سبحانه أهل النار أو بعضهم منها، مع إخباره لنا ولهم بخلودهم فيها، كما قدمنا، لكان هذا خبراً عن الشيء لا على ما هو به وذلك كما قدمنا.

  وأما أن الكذب قبيح: فقبحه معلوم لكل عاقل.

  وأما أن الله - تعالى - لا يفعل القبيح: فقد تقدم بيانه في مسألة العدل، فلا وجه لذكره هاهنا.

  قوله: (وذلك⁣(⁣١) قول الله ذي المحال): فـ (المحال): هو القدرة، وقد تقدم الكلام عليه في مسألة قادر.

  وأما أنَّا لم نقل في هذه المسألة إلا بقول الله - تعالى - فلأنه سبحانه يقول في كتابه الكريم {قَوْلُهُ الْحَقُّ}⁣[الأنعام: ٧٣]، والكذب باطل بالإجماع، ويقول سبحانه: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}⁣[يونس: ٦٤]، وقال: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١١٥}⁣[الأنعام]، والكذب تبديل على أقبح الوجوه، فمن هنا كان قولنا مطابقاً لقوله تعالى.

(مسألة الشفاعة)

  [٣٠]

  وما لأهلِ الفِسْقِ مِنْ شَفَاعهْ ... لَمَّا تَنحَّوا عن طريقِ الطاعهْ

  وخَالَفُوا السنةَ والجَمَاعهْ ... وارتَكَبُوا المُنْكَرَ والبشاعهْ


(١) في (ن): وذاك، وهو الظاهر من قافية البيت.