شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(باب القول في الوعد والوعيد)

صفحة 211 - الجزء 1

  ومذهبنا: أنه لا يجوز إطلاق شيءٍ من الألفاظ المتقدمة على المرتكب للكبائر من هذه الأمة مع اعترافه بصحة النبوءة ووجوب أحكام الشريعة على الكافة؛ بل نسميه فاسقاً ونقره على ذلك الإسم، ونجري عليه حكماً مفرداً عن أحكام من ذكر أولاً⁣(⁣١) من المنافقين والكفار والمؤمنين.

  والذي يدل على صحة ما قلنا: أن لكل إسم مما علقوا بالفاسق معنى في الشريعة مخصوصاً يتبعه حكم مخصوص غير ما عليه الفاسق بالإتفاق.

  أما النفاق: فهو إسم لمن أظهر الإسلام بلسانه وأبطن الكفر في قلبه، فلو وجد سبيلاً إلى إظهار الكفر لأظهره، ومعلوم أن الفاسق بخلاف ذلك، ويلحق به من أحكام الشريعة أن نفاقه إن ظهر أستتيب فإن تاب وإلا قتل، والفاسق تقام عليه الحدود، ويجبر على الواجبات في وقت الإمام، وهذا فرق ظاهر.

  وأما الكفر: فهو إسم لأفعال مخصوصة كالجحود لله - سبحانه وتعالى - وتكذيب رسله أو بعضهم، والإستهزاء بآياته، وإنكار نزول كتبه بصائر إلى عباده إلى غير ذلك، وتعطيل الشرائع.

  ويتبعها أحكام مخصوصة وهي حرمة المناكحة، والموارثة، والدفن في مقابر المسلمين، والقتل حتى يدخلوا في الدين أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، إلا كفار العرب فليس لهم إلا السيف أو الإسلام لحكم ربِّ العالمين.

  وأما الإيمان: فهو إسم لفعل الطاعة وترك المعصية في الشريعة، وهو إسم مدح وتعظيم؛ ألا تسمع إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢}⁣[الأنفال]!؟، وليس هذه حال الفاسقين بالإجماع.


(١) في (ن، م): ذكروا أولاً.