شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

صفحة 213 - الجزء 1

  أما الأمر: فهو قول القائل لغيره إفعل أو لتفعل، على جهة الإستعلاء بشرط الإرادة لمقتضى الأمر.

  والنهي: قول القائل لغيره لا تفعل أو لا يفعل، على جهة الإستعلاء دون الخضوع بشرط الكراهة لما تعلق به النهي، فهما؛ كما ترى نقيضان.

  ومذهبنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على الكافة وجوب الكفاية عند قيام البعض، ووجوب الأعيان عند إهمال الجميع.

[شروط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

  ولا بد للوجوب من شرائط؛ إن وجدت لزم، وإن عدمت أو شيءٌ منها سقط:

  أولها: أن يكون الآمر الناهي عارفاً بالمعروف والمنكر مفصلاً، وبمراتب الأمر ليقع أمره ونهيه مطابقاً لمراد الحكيم سبحانه إذ بجهله بذلك أو ببعضه لا يأمن أن يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف أو يقدم ما يجب تأخره ويؤخر ما يجب تقديمه فينتقض الغرض.

  وثانيها: أن يعلم أو يغلب في ظنه أن لأمره ونهيه تأثيراً في وقوع المعروف وارتفاع المنكر؛ لأن أمره ونهيه، والحال هذه، يكون عبثاً - أعني إذا لم يعلم أو يغلب في ظنه تأثير أمره ونهيه - إلا أن يكون نبيئاً أو إماماً فيجب حينئذٍ لإبلاغ الحجة، وأما في آحاد الناس فلا.

  وثالثها: أن يعلم أو يغلب في ظنه أن أمره ونهيه لا يؤدي إلى ترك معروف أكثر مما أمر به، أو ارتكاب منكر أكثر مما نهى عنه.

  ورابعها: أن يعلم أو يغلب في ظنه أن ذلك لا يؤدي إلى تلف نفسه، ولا ذهاب عضو من أعضائه، أو اجتياح ماله، إلا أن يكون إماماً فإن ذلك سائغ له أن يحمل نفسه على ذلك وإن علم الهلاك لإعزاز الدين كما فعل الحسين بن علي @ ولذلك تباهى به سائر الأمم فيقول لم يبق من الرسول إلا سبط فحمل نفسه على الموت لإزالة المنكر عن دين ربِّه.