شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(باب القول في الوعد والوعيد)

صفحة 218 - الجزء 1


= فسموا معتزلة، وافترقت المعتزلة إلى: بصرية، وبغدادية، والبصرية شيخهم محمد بن الهذيل العلاف صاحب المناظرات، والبغدادية شيخهم أبو الحسين الخياط وتلميذه أبو القاسم البلخي، ويجمع مذهبهم القول بالعدل والتوحيد، وإمامة أبي بكر وتقديمه، واختلفوا في الأفضلية، فمنهم من قال بأفضلية أبو بكر، وهم غالب البصرية.

وتتميز البغدادية عن البصرية بميلهم إلى التشيع.

(٢) الزيدية الصالحية: يقال إنها فرقة من فرق الزيدية، وهم أتباع الحسن بن صالح بن حي | يقولون بتقديم أبي بكر وصحة إمامته مع أولوية الإمام علي #، وفي الحقيقة لاوقوع لهذه الفرق التي أُثبتت للزيدية؛ لأن الزيدي فرع على الشيعي، ولا تشيّع لمن يقول بتقديم غير الإمام علي # عليه، فكيف يُقال إنه زيدي مع انتفاء تشيّعه، ولو صُلح إطلاق لفظ الزيدي عليهم، لصلح إطلاقه على المعتزلة؛ لأنها تقول بأقوال الزيدية في مسائل كثيرة في العدل والتوحيد وغيرها، وتخالفهم في تفاصيل بعض مسائل التوحيد لا في الجملة، وتخالفهم في مسألة الإمامة؛ لأنهم يقولون بإمامة المشائخ الثلاثة، والزيدية تقول بإمامة أمير المؤمنين # بعد رسول الله بلا فصل، وبعده الحسن، وبعده الحسين، ولا تقول بإمامة الثلاثة المشائخ؛ وأيضاً المعتزلة لا تقول بحصر الإمامة في أولاد البطنين وتقول بأن موضعها قريش، وتوافقهم في ذلك الصالحية، مع أن الزيدية تقول بحصرها في أولاد البطنين دون غيرهم؛ فإذاً لا فرق بين أن نقول الصالحية فرقة من فرق الزيدية، أو المعتزلة من فرق الزيدية، فبما أن المعتزلة فرقة مستقلّة توافقها الصالحية في بعض المسائل وبالأخصّ مسألة الإمامة، إذاً نقول: إن الصالحية فرقة مستقلة حالها كحال أي فرقة تنتسب إلى رجل من رجال الإسلام وتجعل لها أقوالاً وعقائد على حيالها، أو نقول إن الصالحية فرقة من فرق المعتزلة، كما قال الشهرستاني في الملل والنحل ١/ ١١٧: «أما في الأصول فيرون رأي المعتزلة حذوا القذّة بالقذّة، ويعظّمون أئمة الاعتزال أكثر من تعظيم أئمة أهل البيت (ع)؛ لأن الإدعاء ليس دليلاً على الثبوت».

وأما إطلاق لفظ الإمام # على الصالحية بأنها زيدية، فليس فيه دليل على أنهم زيدية؛ بل إن ذكره لهم في عداد القائلين بعدم إمامة أمير المؤمنين بعد رسول الله ÷ ينفي أنهم زيدية، وقد يكون # ذكرهم بالعَلَم الذي تسمّوا به، وقوله #: «أبعدهم الله» يكشف ذلك، ثم إنه لم يُؤْثر عن أحد من أئمة الزيدية القول بأقوالهم، فبطلت نسبتهم إلى الزيدية بخروجهم عن أقوال أئمّتها، ثم تراه وهو إمام الزيدية # يردّ عليها ويفنِّد أقاويلها ويبيّن ضلالها، ومن اطلع على كلامه # في الشافي في تبيين من هو الزيدي وحقيقته وعقيدته، =