(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)
  للمسلمين كافة، فقالوا: بلى، وقد أوجب الله عليهم ذلك بقوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦]، وأولى في اللغة بمعنى أحق وأملك، لا يختلف أهل اللغة في ذلك، ولا يعقل له معنى سواه إذا أطلقت اللفظة، فإن كانت ممن يصح ذلك منه فذلك أبلغ وأكشف، فلما تقرر ذلك قال - عليه وآله السلام -: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه»، فكان معنى هذا اللفظ عند كل عاقل متأمل أن من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به، ولا شك أن النبي ÷ أولى بكل مؤمن من نفسه.
  وقد حقق الله - سبحانه - ذلك بقوله: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب: ٦]، وقد جعل الله هذه المرتبة لعلي بن أبي طالب #، وذلك يفيد معنى الإمامة.
  أما أنه جعل ذلك لعلي بن أبي طالب # فظاهر اللفظ يشهد بذلك؛ لأنه قال: «ألست أولى بكم من أنفسكم!؟» قالوا: بلى، قال: «فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه» ولفظة مولى؛ وإن كانت في الأصل مشتركة بين معان كثيرة، فقد صارت بالقرينة المتقدمة، وهي قوله ÷ «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» وهي مع ذلك إحدى حقائقها، فصار ذلك بمنزلة قوله ÷ لو قال: (ألست أملك التصرف فيكم؟ فإن قالوا: بلى، قال: فمن كنت أملك التصرف عليه فهذا مالك) ثم يمسك فإن لفظة مالك وإن كانت مشتركة بين ملك اليمين والإسم العَلَم وملك التصرف، لا يفهم منها والحال هذه إلا ملك التصرف، وهذا معلوم لكل منصف؛ بل قول النبي ÷ أولى مما مثلنا به وأجلى.
  ألا ترى أن المثل كان يطابق الممثول في ذلك لو قال ÷ بعد ذلك «فمن كنت مولاه فعلي مولاه»، ثم يمسك، وإنما صرح ÷ بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» فكان ذلك أبلغ.
  وأما أن ذلك يفيد معنى الإمامة: فلأنَّا لا نريد بقولنا فلان إمام إلا أنه يملك التصرف في المسلمين في أمور مخصوصة، لها أحكام مخصوصة، وأن له الولاية عليهم، وأنه أولى بهم