شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)

صفحة 229 - الجزء 1

  قلنا: قد أنكر ÷ إنكاراً يلزم بأقله الحجة؛ بل انقاد بعد ذلك حراسةً للإسلام، ونظراً للدين، خيفة من وهن الإسلام وضعفه؛ لقرب عهد الناس بالجاهلية، وهذا لعمر الله أحد فضائله #.

  ألا ترى أن عمر لما أتى إليه فقال له: (قم بايع أبا بكر، قال: فإن لم أفعل؟، قال: ضربنا عنقك، فقال #: وكيف لو كان عمي حمزة وأخي جعفر حيَّين)، ثم بايع بعد ذلك، وهذا غاية الإنكار عند كل عاقل، فكيف يستقيم لمنصفٍ دعوى الإجماع فضلاً عن تصحيحه!؟، وهل هذه إلا كدعوى من يدعي صحة الإمامة لمعاوية لدخول الناس فيها بعد الإستظهار عليهم وغفلتهم عن إظهار الإنكار.

  فإذا لم يصح الإجماع في الأول، لما بينا من الأمور التي بعضها كافٍ في وقوع الخلاف، ولا في الثاني؛ لأن للإمساك وجهاً يصرف إليه وهو الخوف مما وقع أولاً؛ لأن أمر أبي بكر ما ازداد إلا قوة حتى مات، فمتى وقع الإجماع بعد بطلانه أولاً وآخراً، وهذا واضح، فبطل دعوى الإمامة لأبي بكر بذلك.

[بيان بطلان أخبار البكرية]

  فإن قيل: إنا ندعي الإمامة لأخبار روتها البكرية⁣(⁣١) عن النبي ÷.

  قلنا: الإمامة من أصول الدين الكبار، والتعبد بها عام للكافة، فالأدلة عليها يجب أن تكون معلومة ليحسن التكليف بها، كما قلنا في الأدلة على إمامة أمير المؤمنين #، ونحن أهل البحث فلم نعلم ما روت البكرية، ولايمكنهم دعوى ظهوره للكافة، فبطل ما قالوا.


(١) البكرية: فرقة من فرق المجبرة أتباع بكر بن عبد الواحد، واختصوا بالقول بأن الطفل لايألم، وأن إمامة أبي بكر منصوصة نصاً جلياً، ويختلقون على ذلك أحاديث موضوعة مكذوبة، ولا توبة لقاتل عمد، الملل والنحل لابن المرتضى ص ١١٧.