شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)

صفحة 230 - الجزء 1

[بيان أن التقديم للصلاة ليس من الإمامة بسبيل]

  فإن قيل: إن رسول الله ÷ قدم أبا بكر للصلاة وذلك يفيد الإمامة.

  قلنا: لم يصح ذلك، وإن صح فليس التقدم للصلاة من الإمامة بسبيل؛ لأنه قد قدم ابن أم مكتوم للصلاة وكان | أعمى، كذلك عمر استخلف صهيباً⁣(⁣١) على الصلاة وهو مولى، ولو لزم ذلك للزمت الإمامة أسامة بن زيد⁣(⁣٢) بطريقة الأولى؛ لأن رسول الله ÷ قُبِضَ وقد أمره على أبي بكر وعمر في جلة المهاجرين والأنصار بلا خلاف في ذلك، والأمارة تتضمّن معنى الإمامة، وليس كذلك


(١) صهيب بن سنان الرومي، وقيل كان اسمه عبد الملك: كان أحد مؤذنة النبي ÷، وهو أبو يحيى النمري صحابي مشهور شهد بدراً وغيرها.

قال أبو عمر في الإستيعاب بهامش الإصابة ج ٢ ص ١٨١: كان صهيب مع فضله وورعه حسن الخلق مداعباً ... إلى قوله: وأوصى عمر إليه بالصلاة بجماعة المسلمين حتى يتفق أهل الشورى استخلفه على ذلك ثلاثاً، وهذا مما أجمع عليه أهل السير والعلم بالخبر ... إلى قوله: وفضائل صهيب وسلمان وبلال وعمار وخباب والمقداد وأبي ذر لايحيط بها كتاب، ولقد عاتب الله نبيه فيهم في آيات من الكتاب.

وقال في الإصابة ج ٢ ص ١٩٥: ولما مات عمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وأن يصلي بالناس إلى أن يجتمع المسلمون على إمام. رواه البخاري في تاريخه. انتهى.

ومات صهيب بالمدينة سنة ثمان، وقيل تسع وثلاثين ودفن بالبقيع.

(٢) أسامة بن زيد بن حارثة القضاعي الكلبي نسباً والهاشمي ولاءً، أبو زيد المدني، كان أبوه مولى لخديجة بنت خويلد فوهبته للنبي ÷ وهو ابن ثمان، وكان يُدعى زيد بن محمد، فنزل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}⁣[الأحزاب: ٥]، وكان أسامه محبباً إلى النبي ÷ أمَّره رسول الله ÷ على الجيش الذي أنفذه قبل وفاته وجعله أميراً عليه، وكان في جملة الجيش أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وغيرهم من جملة الصحابة من المهاجرين والأنصار غير الإمام علي وأهل البيت فلم يكونوا مع الجيش، وتخلف المذكورون عن جيش أسامة، توفي سنة أربع وخمسين وهو ابن خمس وسبعين بالمدينة.