(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)
  إلى أبي عبيدة(١) نهره لإعتقاده أن أبا بكر أفضل منه، وكان في إحتجاج أبي بكر ما يدل على أنه يحتج بالفضل لأنه قال: (نحن شجرة رسول الله ÷)، وفي رواية أخرى: (عترته)(٢)، كل ذلك يريد التفضيل لنفسه، وذكر قريشاً لاعتقاد العرب تعظيمهم، ولذلك كانوا في الجاهلية لا يذعرون لهم سرياً، ولا يرومون لهم حقاً، وكانوا يقولون هم آل الله، إلى غير ذلك، وجعلها عمر شورى في ستة لطلب الأفضل، ولهذا قال أمير المؤمنين #: (متى اعترض الشك في مع الأولين حتى صرت الآن أقرن بهذه القرائن(٣)» وذَكَرَ فضائله يوم البيعة لعثمان تنبيهاً للكافة على أنه أولى بالأمر.
[مراتب الفضل]
  وإذا كان ذلك كذلك وقد علمنا أن الفضل بمجموع أشياء:
  منها: الثبات في الأمر، والصبر على مضض الحرب، والتقدم في المواطن الكريهة، والنكاية في العدو.
  ومنها: السخاء بما حوت اليد، والإيثار على النفس والأهل والولد.
  ومنها: الزهد في الدنيا والإعراض عنها، والرغبة في الآخرة والإقبال إليها.
  ومنها: الورع الحاجز عن الإقدام على المحرمات وترك الواجبات.
  ومنها: العلم البارع بحيث يكون أهلاً لتبيان القضايا وفك المشكلات.
  ومنها: وساطة الحسب وشرف الأبوة.
(١) أبو عبيدة بن الجراح، هو: عامر بن عبيدالله، وقيل: عبدالله بن الجراح القرشي الفهري أسلم قديماً، وشهد بدراً وما بعدها وكان ممن صبر يوم أحد، وكان ثالث أقطاب السقيفة، ورضي أبو بكر به أو بعمر، ولاه عمر قيادة الجيش في الفتوح بعد عزله لخالد بن الوليد، فتح الديار الشامية، وبلغ الفرات شرقاً، وآسية الصغرى شمالاً، وتوفي بطاعون عمواس بفتح المهملة وسكون الميم فواو فألف مهملة قرية بالأردن سنة ثمان عشرة عن ثمان وخمسون سنة.
(٢) كلام أبي بكر ذكره الطبري في تاريخه (٢/ ٧٠، ٧١) (منشورات مؤسسة الأعلمي).
(٣) نهج البلاغة في خطبة الشقشقية ٥٥.