(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)
[بيان فضيلة العلم]
  ومن ذلك العلم: وأمره فيه # أظهر من أن يستشهد عليه، وآثاره تنطق بذلك، وقد كان عمر بن الخطاب معدوداً في أكابر العلماء، وأطبق الناس على الرواية عنه: (لولا علي لهلك عمر)، حتى جرت لشهرتها مثلاً، وذلك في قصة المرأة التي أمر عمر برجمها فردَّها علي # إليه، وسأله عن شأنها، فذكر له أنها اعترفت على يديه بالفجور، فقال #: (هل استبرأت رحمها؟، فقال: لا)، فأمر نسوة يبصرونها فوجدنها حُبلى، فقال #: (هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟) فأنطق هذه القضيَّة العجماء ~ بلطف نظره إلى قيام الساعة، ثم قال #: (لعلك أخفتها أو تهددتها؟، فقال: قد كان ذلك، فقال: ويحك؛ أما علمت أن رسول الله ÷ قال: لا حد على مُعترف بعد بلاء؟) فأمر عمر بتخلية سبيلها وقال ما حكينا عنه إلى غير ذلك مما يطول شرحه.
  ولو أفردنا له كتاباً ما أتينا على آخره؛ ولأن أهل العلم المتقدّمين فيه بعد رسول الله ÷ وإن كان لكل من أصحابه ÷ بسطة في العلم وقدم - فجزاهم الله عن الدين والإسلام خيراً - هم على اختيارنا ثلاثة: علي #، وابن مسعود(١)، وأبو الدرداء(٢)، وقد قيل معاذ(٣)، وقد قيل
(١) ابن مسعود، هو: عبدالله بن مسعود بن غافل بمعجمتين بينهما ألف أبو عبد الرحمن الهذلي نسباً الزهري حلفاً الكوفي كان من أهل السوابق، وهاجر قديماً، وشهد المشاهد كلها، وكان من الجبال في العلم، وعلى قامة القاعد في الجسم، وهو القائل كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب، وكان من الجبال الراسخة في العلم، وهو القائل: قرأت القرآن على رسول الله ÷ وأتممته على خير الناس بعده علي بن أبي طالب، وكان من محبي أمير المؤمنين وشيعته توفي سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين وعمره ستون سنة، ودفن بالبقيع.
(٢) أبو الدرداء، هو: عويمر بن مالك، وقيل عامر، وقيل ابن ثعلبة الأنصاري الخزرجي أسلم عقيب =