(الكلام في إمامة أمير المؤمنين #)
[بيان فضيلة وساطة المنصب]
  وأمَّا وساطة المنصب: فليس فيه منازع، وله في ذلك مزيَّة ولادة هاشم بن عبدمناف لأبيه وأمه؛ لأن أُمَّه # فاطمة بنت أسد، أول هاشمية ولدت لهاشمي، وعبدالله أبو النبي ÷ وأبو طالب أمهما واحدة، فكان له هذه الزيادات مع مشاركة بني هاشم في وساطة النسب حتى قال بعض شعراء الشيعة:
  إن علي بن أبي طالب ... جدّا رسول الله جدّاهُ
  أبو علي وأبو المصطفى ... من طينة طهَّرها اللهُ.
  وقد ثبت لك أن الصحابة أجمعت على طلب الأفضل، وإن اختلفوا في عينه، فمن قائل يقول هو أبو بكر، ومن قائل يقول هو علي، وقد ظهرت الأدلة أن الفضل لا يكون إلا بما قدمنا ذكره من الخصال وأن عليًّا حازها بأسرها جملة وزاد فيها على القدر الذي يحتاج إليه؛ لأن في بعضها الدلالة على أنه يجاوز الحد الذي يصح في عصمته، والقطع على مغيبه، وفي بعضها الدلالة على الإمامة بدونه في جميع تلك الأنواع السابقة، إذ لم يقل أحد من أهل العلم إن الإمام يجب أن يبلغ في شيءٍ منها إلى درجته # لاستحالة ذلك في غيره، وكيف وهو بعض آيات ربِّه وفضائل نبيئه ÷! فقد وضح لك أن الإجماع واقع من جهة اللفظ والمعنى على إمامته؛ لإجماعهم على طلب الأفضل، وكونه لما قدّمنا من الخصال الثابتة بالبراهين أفضل بالإضطرار، إذ يستحيل من كل عاقل منصف العلم بإجتماع تلك الخصال الشريفة لواحد، ودعوى عدم العلم بكون ذلك الواحد أفضل ممن لم يساوه فيها ولا في بعضها؛ بل لم يقاربه، والحمد لله، فثبتت إمامته # بالكتاب والسنة من كل وجه وبالإجماع من الوجهين المتقدمين، والحمد لله أولاً وآخراً.