شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(باب القول في الوعد والوعيد)

صفحة 266 - الجزء 1

  ومن ملك نفسه عن ارتكابه ظاهراً منهم؛ فموالاته لمن فعَله تدل على أنه يستجيز فعله؛ لأنه لو كان يعتقد أن فعله محادة لله ورسوله لما والى من فعَله، وإن كان يعتقد أنه من المؤمنين بالله واليوم الآخر؛ لأنه عز من قائل يقول: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}⁣[المجادلة: ٢٢]، فأوجب سبحانه عداوتهم لمحادتهم له، وإن كانت أرحامهم واشجة⁣(⁣١)، وأنسابهم واصلة، غير أن هذه الآية وغيرها من آيات القرآن لا بدَّ لها عندهم من باطن لا يوافق ظاهرها بحقيقته ولا بمجازه، وأن هذه المحرمات عند أهل الإسلام؛ لنهي النبي ÷ فيها من الحِكَمِ والمنافع ما جهله أهل التحصيل من الأئمة الأعلام، وأتباعهم من علماء الإسلام، وأنه لم يحظ بمعرفتها إلا أهل الكتب المخزونة، والأسرار المحجوبة؛ التي لا يُطْلِعُونَ عليها إلا من أخذوا عليه العهود المغلظة، والأيمان المؤكدة، على كتمانها، وإنكار ما ظهر منها.

  ولهم كتاب يسمونه (البلاغ الأكبر، والناموس الأعظم)، ومنهم من يسميه بـ (البلاغ السابع)، و لولا خشية التطويل لذكرنا مما ذكروا فيه طرفاً يكشف عن بلوغهم الغاية القصوى في الإلحاد، والإنسلاخ عن الدين، والخروج عن دائرة المسلمين، فلذلك لم نعد خلافهم في شيءٍ من خلاف أهل الإسلام.

  وبإسقاطنا لقول الإمامية يسقط ما أثبتنا عليه من الأقوال، فهذا مذهب المخالفين في هذه المسألة، ولا بد بمشيئة الله - تعالى - من إبطال كل قول من أقوالهم بأدلة قاطعة لا يمكن دفعها إلا بالمكابرة.


(١) واشجة: بمعنى مرتبطة ومختلطة، تمت.