شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)

صفحة 268 - الجزء 1

  فهذا مذهبنا في هذا الفصل من الإمامة مجرداً، وسيأتي من الأدلة القاطعة على صحته بمشيئة الله وعونه ماوعدنا؛ ونحن نتكلم في بطلان هذه المذاهب التي قدمنا ذكرها مذهباً مذهباً، فنبدأ من ذلك بالكلام على الخوارج؛ لأن قولهم أعم، والإبتداء بذكره أهم، ثم نتبعه بالكلام على المعتزلة لمثل ذلك، ثم نتكلم بعد ذلك على الإمامية.

[الكلام على قول الخوارج في مسألة الإمامة]

  أمَّا الكلام على الخوارج: فلنا فيه طريقان؛ جملية، وتفصيلية.

  أمَّا الجملية؛ فنقول: إن قولكم بتجويز الإمامة في جميع الناس قول لا دليل عليه، وكل قول لا دليل عليه فهو باطل.

  أمَّا أنه لا دليل عليه: فلأن الأدلة عقلية وسمعية، ولا دليل في العقل على وجوب الإمامة على الوجه الذي يصيرها شرعية رأساً؛ لأن الإمامة على مقتضى الشرع جاءت على وجه لولا الشرع لما حسُنت كإهلاك النفوس، وأخذ مال الغير، وقتله إن امتنع من ذلك، وهدم المنازل، وقطع يد السارق، وتأديب الخائن، وجرمهما سواء بل جرم الخائن أدهى، إلى غير ذلك مما يعلمه العلماء، فهذا كما ترى يوجب في العقل نفي الإمامة فضلاً عن كون العقل عليها دليلاً.

  وأمَّا السمع: فهو الكتاب الشريف، والسنة الماضية المقدسة، ولا يمكن إدعاء الدلالة على ذلك منهما - زادهما الله شرفاً -.

  وأما الإجماع فبطلان دعوى الدلالة فيه أظهر من أن يخفى.

  وأمَّا التفصيلية: فأن نتتبع أهم ما يمكنهم التعلق به من آيات الكتاب الكريم فنذكر منه طرفاً يكون على غيره دليلاً، وكذلك السنة الشريفة نذكر منها على مثل ذلك شاهداً.