شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)

صفحة 280 - الجزء 1

  قلنا: وذلك قولنا فيه # وفيمن قبله من آبائه الأئمة $، ولا من جميع الخلق لم يعلم الغيب، ولا يصح أن يعلمه، ولا ظهر المعجز على يد أحد سوى الأنبياء.

  فإن قيل: وما أنكرتم من ظهور المعجز على يديه #!؟.

  قلنا: لأنه لو ظهر على يديه لعلمناه كما علمنا معجزات الأنبياء $.

  أمَّا أنه كان يجب أن يحصل لنا العلم به؛ فلأن المعجزَ أشهرُ الحوادث؛ لأنه يخرق العادة المستمرة فكان يجب ظهوره لذلك.

  وأما أنَّا لا نعلمه؛ فليس يُعبِّر عن أنفسنا سوانا، وإن ادعوا فيهم الضرورة كذبهم العقلاء، وإن ادعوا الإكتساب فطرقه معدومة فيهم وفينا.

  ومن ذلك أنَّا نعلم أن المعجز هو الذي صار به النبيء نبيئًا؛ لأنه لا دليل على نبوءة الأنبياء $ إلا ظهور المعجز على أيديهم، ومدلول الأدلة لا يختلف شاهداً ولا غائباً، وهذا يوجب كون الأئمة أنبياء، ومن قال به إنسلخ من الدين بلا امتراء، ولأن ذلك كان ينفرنا عن النظر في معجزات الأنبياء $؛ لأنَّا إذا علمنا مشاركة غيرهم لهم في أعظم ما خصُّوا به، وهو المعجز الذي تميزوا به على سائر البشر، نفرنا عن النظر في معجزاتهم؛ لأنها حينئذٍ تكون بمنزلة الحوادث الواقعة من قِبَله تعالى، وما أدى إلى ذلك لم يجز حصوله من قبله عز وعلا، ولأن الإمام لا يراد إلا لإمضاء أحكام شرعية من جهة الظاهر، قد استقر العلم بصحتها بظهور المعجز على يدي من شرعها؛ فكان ظهور المعجز لتصحيحه ثانياً يكون عبثاً.

  فإن قيل: إن المعجزة دلالة الصدق ولا يكون الإمام إلا صادقاً؟

  قلنا: لو كان ذلك كذلك لو جب ظهوره على كل صادق ولو لم يصدق إلا مرة واحدة أو يوماً، لأن طرق الأدلة لا تختلف شاهداً و (لا⁣(⁣١)) غائباً.


(١) زيادة من نخ (ن).