(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  فإن قيل: إنما وجب ظهور المعجز على يديه لتعلق الأحكام به وتعرف المصالح من قبله؟
  قلنا: أمَّا المصالح فقد عرفت من جهة النبي ÷، ولا يجوز إعتراض الشك لأحد من المكلفين - قولاً واحداً - في شيءٍ منها.
  وأمَّا تعلق الأحكام وفزع المسترشدين إليه؛ فلو وجب ظهور المعجز عليه لو جب ظهور المعجز على أيدي القضاة والأمراء.
  فإن قيل: إنما قلنا بوجوب ظهور المعجز على يديه لنصدقه فيما ادعى من زيادات في القرآن قد كانت نسخت؛ فيها الدلالة على صحة قولنا.
  قلنا: هذا لا يجوز؛ لأنه يفتح باب الجهالات، كما قدمنا، فما أدى إليه وجب كونه باطلاً؛ ولأن الله - تعالى قد أخبرنا - وهو لا يخبر إلا بالحق، كما قدمنا، وذلك ظاهر في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر]، وقال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ١٧}[القيامة]، وما جَمَعه وحفظه لم يحتج إلى جمع غيره وحفظه له.
  فإن قيل: إنما نريد المعجز لنعلم استواء ظاهره وباطنه؟
  قلنا: لا تعبد علينا في باطنه، ولا يتعلق بباطنه شيء من تعبدنا؛ لأن الشرع قد استقر على وجه لا يمكن الزيادة عليه في الأصول، ولا النقص(١) منه، فإن سَلَّمَ ظاهر الشرع المعلوم واستقامت أموره فيه لزمتنا طاعته، وإن غير شيئاً من الشرع المستقر سقطت إمامته، فلا وجه لاعتبار المعجز في شيءٍ من أمره.
[الدليل على بطلان كون العلم في الإمام طبعاً]
  وأما الذي يدل على بطلان كون العلم فيه طبعاً؛ فإنَّا نقول: ما معنى قولكم بحصول العلم له بالطبع؟، أتريدون أنه عالم لذاته؟ فتلك من صفات الباريء - تعالى - التي لا يشاركه فيها مشارك، وكيف يجوز ذلك في أحد سواه وقد أمر نبيئه أن يقول: {قُلْ لَا
(١) النقصان (نخ).