شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)

صفحة 281 - الجزء 1

  فإن قيل: إنما وجب ظهور المعجز على يديه لتعلق الأحكام به وتعرف المصالح من قبله؟

  قلنا: أمَّا المصالح فقد عرفت من جهة النبي ÷، ولا يجوز إعتراض الشك لأحد من المكلفين - قولاً واحداً - في شيءٍ منها.

  وأمَّا تعلق الأحكام وفزع المسترشدين إليه؛ فلو وجب ظهور المعجز عليه لو جب ظهور المعجز على أيدي القضاة والأمراء.

  فإن قيل: إنما قلنا بوجوب ظهور المعجز على يديه لنصدقه فيما ادعى من زيادات في القرآن قد كانت نسخت؛ فيها الدلالة على صحة قولنا.

  قلنا: هذا لا يجوز؛ لأنه يفتح باب الجهالات، كما قدمنا، فما أدى إليه وجب كونه باطلاً؛ ولأن الله - تعالى قد أخبرنا - وهو لا يخبر إلا بالحق، كما قدمنا، وذلك ظاهر في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}⁣[الحجر]، وقال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ١٧}⁣[القيامة]، وما جَمَعه وحفظه لم يحتج إلى جمع غيره وحفظه له.

  فإن قيل: إنما نريد المعجز لنعلم استواء ظاهره وباطنه؟

  قلنا: لا تعبد علينا في باطنه، ولا يتعلق بباطنه شيء من تعبدنا؛ لأن الشرع قد استقر على وجه لا يمكن الزيادة عليه في الأصول، ولا النقص⁣(⁣١) منه، فإن سَلَّمَ ظاهر الشرع المعلوم واستقامت أموره فيه لزمتنا طاعته، وإن غير شيئاً من الشرع المستقر سقطت إمامته، فلا وجه لاعتبار المعجز في شيءٍ من أمره.

[الدليل على بطلان كون العلم في الإمام طبعاً]

  وأما الذي يدل على بطلان كون العلم فيه طبعاً؛ فإنَّا نقول: ما معنى قولكم بحصول العلم له بالطبع؟، أتريدون أنه عالم لذاته؟ فتلك من صفات الباريء - تعالى - التي لا يشاركه فيها مشارك، وكيف يجوز ذلك في أحد سواه وقد أمر نبيئه أن يقول: {قُلْ لَا


(١) النقصان (نخ).