(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  إمَّا الرجوع إلى الحق ونفي الدعوى لهم عِلْمُ جميع المعلومات.
  وإما القول بما لايحسن من أحد من سائر المسلمين، فكيف بالأئمة النجباء من القول بأنهم تعمدوا قتل أنفسهم، وكان ذلك - أيضاً - يخرجهم من الإيمان ويوجب دخول النار، وتسقط الإمامة!؟ لأنَّا روينا بالإسناد إلى النبيء ÷ أنه قال: «من تحسّى سُّماً فسمه في يده يتحساه في النار خالداً مخلداً، ومن وجى نفسه بحديدة فحديدته في يده يجا بها بطنه في النار خالداً مخلداً(١)».
  فأردتم إثبات الإمامة بأمر أسقطها على أشنع الوجوه وهذا لا يخفى على عاقل.
[نفي الإمامة عمن أغلق بابه وأرخى ستره]
  وأما نفي الإمامة عمن أغلق بابه، وأرخى ستره: فلأنَّا لا نريد الإمام إلا لسد الثغور، ورأب الثلم، وسياسة الرَّعية وتفقد أحوالها، وأخذ الحقوق، وإقامة الحدود، وتجييش الجيوش، وحفظ بيضة الإسلام، ومعلوم أنه مع التغيب والإنكتام وإرخاء الستر وطول الحجاب لا يتمكن من أكثر ما ذكرنا فينتقض الغرض بإمامته؛ لأن وجود الإمام على الحد الذي ذكروه لا يزيد على وجود جبريل وميكائيل؛ لأن كل واحد منهم محق قد توارى عنا؛ ولأن العترة الطاهرة قبل حدوث هذه الأقوال الجائرة قد أجمعوا على أن الإمام إذا احتجب عن رعيته ولم ينفذ أمورهم، ويُقَوِّم أوَدَهم(٢)، ويغني سائلهم، ويقسم بينهم فيئهم، خرج عن كونه
= ذنبه»، وكان له أخبار عظيمة وكرامات ومقامات حميدة، وكان من كبراء أهل البيت وفضلائهم وأئمتهم عندهم وعند الإمامية، وزوجه المأمون بابنته أم حبيب، انتهى.
(١) أخرجه البخاري في كتاب الطب (١٠/ ٢٥٨) رقم (٥٧٧٨) ومسلم في الإيمان (١/ ١٠٣ - ١٠٤) رقم (١٧٥/ ١٠٩) والطبراني في الأوسط (١/ ٤٦٩) رقم (١٧٣٠) عن أبي هريرة، ورواه الإمام المرشد بالله في الأمالي (٢/ ٣٠٨) عن أبي هريرة.
(٢) أوِدَ الشيءُ اعْوَجّ وبابه طرب. تمت (م. ص).