شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)

صفحة 285 - الجزء 1

  إماماً؛ لأنه لا يراد لغير ذلك من الراحة والدَّعَة، وكيف يكون إماماً من نام الضحوات، وسكن إلى اللذات!؟، كلا؛ حتى ينعقد نقع الخميس⁣(⁣١) على جبينه، ويذُب عن المسلمين كما يذُب الليث عن عرينه⁣(⁣٢)، فيصدع ببسالته قلوب المعاندين، ويرأب بشهامته صدع الدين، على منهاج أبي السبطين وولديه - صلى الله وملائكته عليهم وعلى من سار بسيرهم من أولادهم البررة؛ كأبي الحسين زيد بن علي # ومن حذا حذوه من العترة الطاهرة عليهم جميعاً أفضل السلام -.

[الكلام في أن الإمام لا يجب كونه معصوماً]

  وأما الكلام في أن الإمام لا يجب كونه معصوماً: فقد دخل بعض الكلام فيه تحت الكلام في نفي ظهور المعجز على يديه.

  ومما يحرر ذلك أنا نقول: لم قلتم بعصمته؟.

  فإن قالوا: لنعرف المصالح.

  قلنا: المصالح لا تعرف إلا من جهة النبي ÷، كما قدمنا، ولا يجوز أن يعرفنا الإمام مصالح أخر لعلمنا ضرورة من دين النبي ÷ أن شرعه لا ينسخ كما علمنا أنه خاتم الأنبياء.

  فإن قيل: إنَّا نوجب عصمته؛ لأنَّا لو لم نقل بها جوزنا خيانته للمسلمين.

  قلنا: فهذا يوجب العصمة في القضاة وأمراء الإمام، وأحد لم يقل بذلك.

  فإن قيل: إن الإمَام مُغن عن عصمتهم؛ لأنه يثبتهم إذا زاغوا، وليس كذلك هو؛ لأن يده فوق أيدي الكافة فلا تثبت له إلا العصمة.

  قلنا: ما قلتموه لا يوجبها؛ لأن خيانته للأمة لا تخلو إمَّا أن يكون فيما يخصه وأمور الشريعة منه سالمة، أو يكون في أمور الشريعة الطاهرة.


(١) الخميس: هو الجيش لأنه خمس فرق: المقدمة، والقلب، والميمنة، والميسرة، والساقة. تمت قاموس.

والنقع: هو الغبار.

(٢) العرين: مأوى الأسد الذي يألفه. تمت قاموس، ومختار صحاح.