(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  فإن كانت في الوجه الأول، وكانت بينه وبين ربِّه لم يضرنا ذلك ولم يظلم إلا نفسه كما حكى الله - سبحانه - في مثله من العترة بقوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ٣٢}[فاطر].
  وإن كانت خيانته في الأمر الثاني؛ وهو تغيير شيء من الشريعة المعلومة: فيد الله وأيدي الأمة فوق يده، وأبطلوا إمامته، وخرجوا من بيعته، ولم يلزمهم الإنقياد لأمره.
  فإن غلب على شيءٍ من أمور المسلمين، كان حكمه في ذلك حكم غيره من المتغلبين، وخرج عن دائرة الأئمة الهادين المهتدين، فلا وجه للقول بعصمته كما ترى، فنسأل الله التوفيق والهدى من الله.
  وإذ قد فرغنا من الكلام في بطلان مذهب المخالفين من الخوارج والمعتزلة والإمامية ومن انضاف إليهم من شذاذ الأمة والمنتسبين إليها من الناصبين للإسلام المكائد بالدخول فيه إيهاماً من غير حقيقة لإظهار الله - سبحانه وتعالى - كما وعد على يد نبيئه دينه على الدين كله، والله - تعالى - متم نوره ولو كره الكافرون، وكيف يتم مرام الكائدين، وقد جعل الله في كل وقت من الأوقات من أهل نبيئه الصادقين وأتباعهم من المستبصرين - صلى الله عليه وعليهم أجمعين - من يَفُلَّ شباهم ويخبر الناس أنباءهم، وذلك ثابت فيما روينا عنه ÷ أنه قال: «إن عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإسلام ولياً من أهل بيتي موكلاً يعلن الحق وينوره ويرد كيد الكائدين، فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله(١)» والحمد لله الذي جعلنا رجوماً لشياطين هذا الدين، ورد بنا عنه كيد الكائدين، حمداً كثيراً.
(١) رواه الإمام أبو طالب في الأمالي بسنده عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي $ قال: قال رسول الله ÷ ... الحديث (٩٢).