(يتلوه الكلام في أن الإمامة في أولادهما وأنها مقصورة عليهم)
  والمسلك الثاني؛ أن نقول: قد أجمعت الأمة، بعد بطلان قول أصحاب النص وقد بطل، بما قدمنا، على جوازها في ولد الحسن والحسين $، واختلفوا فيما سواهم، والإجماع آكد الدلالة.
  أما أنهم أجمعوا على جوازها فيهم، واختلفوا فيمن سواهم؛ فذلك ظاهر؛ لأن من قال بجوازها في الناس كلهم؛ وهم الخوارج، قال بجوازها في ولد الحسن والحسين $ على أبلغ الوجوه، إذ هم من الناس؛ بل هم من خيرهم.
  ومن قال بقصرها في قريش فقد قال بجوازها في ولد الحسن والحسين $ إذ هم من قريش؛ بل هم من خيرهم، فمن قصرها في ولد الحسن والحسين $ كان، كما ترى، قد أخذ بموضع الإجماع، وتنكب طريق الخلاف؛ إذ الإمامة شرعية فلا يؤخذ دليلها إلا من الشرع، وقد اجتمعت أدلة الشرع من الكتاب الكريم والحجَّة منه، قد قدمناها في أول الكتاب في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ٢١}[الطور]، وأنهينا التعليق في ذلك إلى غايته التي تعلقت بها الحاجة هنالك.
  وفي قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}[الحج: ٧٨]، وبينا القول كذلك فيه بياناً شافياً.
[ذكر خبر الثقلين ودلالته على الإمامة]
  ومن السنة الشريفة، والأدلة منها كثيرة، على ما ذهبنا إليه، متظاهرة؛ ونحن نذكر منها دليلاً واحداً كافياً كالشاهد لقولنا، والممهد لما يطابقه، وذلك قوله ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض»، وهذا الخبر مما