(باب القول في الوعد والوعيد)
  أن يحمد الله - تعالى - على أي صورة ركّبه عليها واختارها له من حسن أوشواهة؛ لأن الله لا يمتنع عليه مراده، ولا يضاف إليه السهو أو الغفلة عن شيءٍ من خلقه، فلو شاء جعله على أبلغ الوجوه في الكمال؛ وإنما(١) جَعْلُهُ على الصورة المكروهة ليصبروا، وعلى الصورة المحبوبة ليشكروا وإن كرهت النفوس أحد أمرين، أو اشتهت الآخر، فالحق لا يتبع الأهواء، ولو اتبعها لفسدت السموات والأرض.
  وقد ذكر في البيت (المقدار): وهو يريد به الشرف والرفعة، فقد علمنا أن الله - تعالى - قد فضَّل بعض خلقه في ذلك على بعض، وجعل له في الشريعة حكماً ذكره النبي ÷ والأئمة من أولاده $، وبينوه في الكفاءة، وسيأتي تفصيله.
  ومما يوضّح ذلك: أن رجلاً من العجم صادق الإيمان لو خطب إلى رجل من العرب حرمته، ورضيت الحرمة به، فامتنع من ذلك، ما كان لها بحكم الله ظالماً، ولا في الإمتناع من تزويجه آثماً، ولا في حكم الشريعة المطهرة عاضلاً، وهذا صريح مذهب القاسم ويحيى @ إلى يومنا هذا.
  وكذلك بيوت العرب بعضها أرفع من بعض، فكيف يغبى هذا على عاقل منصف.
  أو الإنتساب(٢) إلى إمام لا يقفو أثره، ويتصفح معاني كلامه!؟، فإذا رأى أحداً من أهل بيت الرفعة سلم ورضي بحكم الله واختياره، وعلم أن لا بدَّ له على ذلك من عوض، ولم يرتكب أحد باطلين:
(١) الواو استئناف وليست عاطفة، والجَعْل بمعنى الخلق. والله أعلم.
(٢) الإنتساب: معطوف على قوله #: الشرف والرفعة فيكون حينئذ معنى المقدار في القافية الشرف والرفعة أو الإنتساب إلى إمام لايقفو أثره ويتصفح معاني كلامه ... إلخ، فيكون من عطف الخاص الذي هو شرف الإنتساب إلى الأئمة على العام الذي هو الشرف والرفعة فيكون المعنى أو الحاسد يحسد ذا الشرف على شرفه ورفعته أو على انتسابه إلى إمام لايقفو ذلك الحاسد أثره ويتصفح معاني كلامه، تمت من حاشية على الأصل؛ فتأمّل كلام الإمام فإنّ غوره بعيد وفهمه يحتاج إلى تأمّل =