شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[في قصر الأمل وذكر الآجال]

صفحة 323 - الجزء 1

  وورد في (غريب الحديث) عن النبيء ÷ أنه قال: «ما تعدون الرقوب عندكم؟» قالوا: الذي لم يولد له ولد يا رسول الله، فقال ÷: «الرقوب من لم يمت له ولد»، فصرح ÷ بما ذكرنا.

  وكذلك روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - أنه كتب إلى سلمان يعزيه بإمرأته: (أمَّا بعد فقد بلغني مصيبتك أبا عبدالله، فبلغت مني بحيث نحب لك، واعلم يا أخي أن مصيبة يبقى لك أجرها، خير من نعمة يبقى عليك شكرها).

  وكذلك روينا عن جعفر بن محمد $ قال: (مات لعمي زيد بن علي ابن، فكتب إليه بعض إخوانه يعزيه، فلما قرأ الكتاب قلبه وكتب على ظهره: أمَّا بعد؛ فإنَّا أموات أبناء أموات آباء أموات، فيا عجباً من ميت يعزي ميتاً عن ميت، والسلام)، فهذا، كما ترى، آثار آبائنا $ ناطقة بما نحن عليه.

[في قصر الأمل وذكر الآجال]

  واعلم أن الواجب على كل مسلم: قصر الأمل، وحسن العمل، وأن إعتقاد وجوب المساواة في الأرزاق يؤدي إلى سوء الظن بالله.

  بيان ذلك: أنَّا إذا اعتقدنا وجوب المساواة عليه وذكر لنا في أكثر آيات الكتاب الكريم التي فيها ذكر الرزق أنه فاضل، وأنه قدر على البعض، وبسط للبعض، اعتقدنا فيه لا محالة أنه ظلَم المقدور عليه، وهذا أقبح الظنون بالله، فما ظنك بمذهب أدى إلى هذا!؟

  وكذلك الآجال؛ إذا اعتقدنا أنه يجب عليه تبليغها مائة وعشرين سنة⁣(⁣١) أدى ذلك إلى قساوة القلوب، والتساهل في طاعة علام الغيوب، ولم نرض بقضائه في موت أحبتنا وأولادنا، فحبط الأجر، وعظم الوزر.

  وسأخرج مما قلت:


(١) كما تقوله المطرفية.