شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان فضل أولاد النبي ÷ على سائر العرب والعجم]

صفحة 340 - الجزء 1

  وإجماعهم حجَّة، كما قدمنا، وهذا - أعني إعتقاد فضل أهل البيت $ - مذهب الزيدية خصوصاً، وطبقات الشيعة عموماً، ولم يعرفوا من بين أهل الفرق إلا بذلك، وبما يؤدي إليه مما ينبني عليه، وذلك أنهم اعتقدوا فضل أهل البيت $ وأخذوا الدين عنهم بالأدلة، وأوجبوا على سائر الخلق مشايعتهم على ذلك، فسموا شيعة؛ وذلك ظاهر؛ ولأنهم لو لم يعتقدوا فضلهم لم يصغوا إلى كلامهم كما فعل غيرهم من الناس، و لا يعلم خلاف في عموم ذلك فيهم $ إلا مع الروافض الظالمين، والنواصب الكافرين، نعوذ بالله من حالهم أجمعين.

  وقد قال الله - تعالى - رداً عليهم: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}⁣[فاطر: ٣٢]، وأهل البيت مجمعون أنهم المرادون بهذه الآية، وإجماعهم حجَّة، كما قدمنا، فأخبر أنهم صفوته من خلقه، وصفوة كل شيءٍ أفضله، فلذلك قضينا بأنهم أفضل الخلق، ومن هناك قلنا في القافية: (بذا لهم ربُّ السموات حكم): لأن خبره تعالى حكم يعلم ذلك جميع أهل الأصول، ولذلك أوجبوا الحج بقوله: [على الناس: {حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}⁣[آل عمران: ٩٧]، وهذا، كما ترى.

  قوله: (من أنكر الفضل لأذنيه الصّمَم)، دعاء عليه بذلك، وهو واقع لامحالة؛ لأن الله - تعالى - قد أخبر أنه يحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً، وهو تعالى لا يخبر إلا بالحق.

  والدعاء بالواقع جائز كما حكى⁣(⁣١) الله - تعالى - عن الملائكة $ أنهم يدعون إليه بالمغفرة للذين تابوا واتبعوا سبيله التي نهج لعباده، ولا شك في أن ذلك واقع


(١) كما حكى ذلك في سورة غافر في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ٧ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٨ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ٩}.