شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان أن الفضل واقع بالنسب]

صفحة 351 - الجزء 1

  يرفعوها [بالإسناد⁣(⁣١)] إلى أبينا رسول الله ÷، وإتباعه واجب، وخلافه قبيح، وهي دلالة على أن الفضل واقع بالنسب، ولم يختلف أحد من العترة الطاهرة $ في ذلك؛ بل قد وقع الإجماع عليه من الأمَّة، وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد الموثوق أن عمر قال بمحضر الصحابة: (لأمنعن ذوات الأحساب، لا يتزوجن إلا من الأكْفَاء)، فلم ينكر عليه أحد، فكان ذلك إجماعاً، فلولا أن الفضل واقع بالنسب لما تعلقت به هذه الأحكام الشرعية، ووردت به الآثار النبوية.

  فإن قيل: إن إنكار الفضل بالنسب هو قول الشيخ⁣(⁣٢)، وهو عابدٌ كما تعلمون.

  قلنا: نوم النبيء ÷ خير من عبادته، وقوله - عليه وآله السلام - أولى بالإتباع من قوله، وقد قال تعالى: {فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}⁣[النور: ٦٣]، وخَوَّفنا من مخالفة النبي ÷، ومخالفة عترته، ولم يُخَوِّفنا من مخالفة الشيخ ولا غيره ممن تنكب منهاجهم، ولأن النبيء ÷ كان لا يقول شيئاً من تلقاء نفسه، وإنما يقول ما أوحى إليه ربُّه، وقد قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ٤}⁣[النجم]، والشيخ قال ما قال من تلقاء نفسه، ولم يجز لنا ترك ما جاء به رسول الله ÷


= ١٣/ ٦٤، والسيوطي في الجامع الصغير برقم (١٦٨٢ - ١٦٨٣) بلفظ: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم»، انظر التحف شرح الزلف ص ٣٠.

(١) غير موجود في النسخة.

(٢) الشيخ: لقب تطلقه المطرفية على كبارهم لأنهم يجعلون لهم في كل هجرة من هجرهم رجل يطلقون عليه اسم (الشيخ) ويعظمونه أشد من تعظيم أهل البيت ويشترطون فيه أن لا يكون من ذرية رسول الله ÷؛ لأنهم يزعمون أنه إذا كان من أهل البيت فستفسد الهجرة، ولن تصلح أبداً بوجوده، ويجعلون كلام ذلك الشيخ حجة واجبة الإتباع، كما حكى ذلك عنهم القاضي العلامة عبدالله بن زيد العنسي في كتابه (التمييز بين الإسلام ومذهب المطرفية الطغام).