[الكلام في فضل أهل البيت (ع) وذكر المخالف في ذلك]
  الله ما ضيهم وعصم باقيهم - إلا الإنقطاع في طاعة الله والإيثار لمرضاته، فأخذنا منه - قدس الله روحه - ما حكى لنا من مذهب آبائه $ تلقيناً، فلما بلغنا حد التكليف فزعنا إلى النظر في الأدلة والبراهين فوجدنا الحق ما أمرنا به ودلنا عليه ¥ وأرضاه وعرفنا آثار آبائنا إلى رسول الله - ÷ وعليهم - وأحوالهم، وأقوالهم، ومهاجراتهم، والأهم من صفة خلوقهم، وأسماء أمهاتهم، ومواضع قبورهم، وما ظهر على الناس من بركاتهم، وأمهاتنا المطهرات التي هي أمهاتهم، وما كان فيهم من الخيرات، وهم مع ذلك لحم النبي ÷، ودمه، وذريته، ولولا خشية التطويل لذكرنا كل والد منهم - سلام الله عليهم - بما يختص به من الكمال مفصلاً، فمن أين يكون غيرنا أولى بالحق منَّا!؟، أم كيف يجتريء عاقل يروي لنا عنا!؟.
  ومن أراد بحثنا مما ذكرنا وجد؛ بحمد الله، عندنا من ذلك علماً جماً، وقد أنصف من نفسه من عرضها للإختبار، وأجراها في المضمار(١)، على أعين النظار.
  قوله: (فلم تكن صفقتنا بخاسرة): أي بيعتنا التي تاجرنا بها ربَّنا وهي طاعته، واتبعنا فيها آباءنا الذين هم سلفنا الصالح، وقد أوجب الله - تعالى - علينا متابعتهم كما أوجب على أهل عصرنا متباعتنا وعلى أهل عصرهم $ متابعتهم، وإن كره ذلك أهل العناد، وراموا منه بداهية تآد(٢)، فلم نتعبد بإرضاء أحد من الناصبين، ولا إيناس أحد من الظالمين؛ إلا أن نكون له إلى الحق المبين مُقَرِّبين، ونراه في ذلك من الراغبين، فقد ورد بذلك الأثر عن جدنا خاتم النبيئين، وهو قدوتنا وقدوة الخلق أجمعين ÷، وقد قال رسول الله ÷ في وجوب الرجوع إلينا والتمسك بنا ما رويناه بالإسناد الموثوق به إليه - عليه وآله السلام - أنه قال:
  «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي
(١) في الأصل: الضمار. انتهى.
(٢) بمعنى تعظم وتفظع.