[ذكر طرف من أمر الإمام يحيى بن عبدالله (ع)]
  وكانت وصيته # مشتركة بينهم، وكان # يلي أمر تركاته وأصاغر أولاده مع موسى، وكان # حسن الوجه، فارساً، شجاعاً، وكانت له مقامات مشهورة في مبارزة الأعداء وقتل الأبطال مع الإمام الحسين بن علي صاحب فخ، وسيأتي حديثه فيما بعد إنشاء الله - تعالى -، جال # في البلدان يطلب مراغماً ينشر منه أمر الله، ويدعو فيه إلى دينه، حتى ذكر أنه بلغ بلاد الترك وغيرها فأعجزه ذلك، ثم صار تأخره إلى بلاد الديلم وطلع جبلاً من جبالها ودعا إلى دين ربِّه، وكان في سبعين من أهل بيته وأشياعهم، وكان هارون فزعاً من أمره، مذعور القلب من هيبته لما يعلم من شهامته وفضله، وإجماعه على إظهار كلمة ربِّه.
[بيان السبب في أخذ يحيى بن عبدالله (ع) وقتله]
  فكان قد بذل الأموال للتجسس عن أخباره في وقت إستتاره؛ حتى ظهر في الديلم في سبعين رجلاً فوجه إليه الفضل بن يحيى(١) في خمسين ألف مقاتل نخبة، من وجوه الأجناد، وشياطين أهل الفساد، فتغرب # في مكانه، وأعمل الفضل أنواع الحيل في إخراجه من هناك إزالة للتهمة عن نفسه، فقد كان سعي به إلى هارون في حال إستتاره أن الفضل يعرف مكانه، ويحب كتمانه، فكاتب ملك الديلم وأخذه بالترغيب والترهيب، وكانت إمرأة ملك الديلم غالبة عليه فأشارت عليه بخذلان يحيى #؛ بل القيام عليه إن امتنع من النزول إليهم، فلما رأى ذلك # علم أنه لا طاقة له بحربهم جميعاً، فراسل الفضل في الوثاق له من هارون، وانعقاد الصلح، وغمد السيف، فأمر له هارون بكتاب بخط يده فيه من العهود(٢) والمواثيق والأيمان المغلظة
(١) الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي وزير هارون الرشيد وأخوه من الرضاعة، وأحد مستشاريه توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة (١٩٣ هـ).
(٢) كتاب الأمان الذي وجه به هارون الرشيد إلى يحيى بن عبدالله ذكره أحمد بن سهل الرازي في أخبار فخ - منشورات مركز أهل البيت (ع) للدراسات الإسلامية - وذكره الإمام المنصور بالله في الشافي، ونسخة الأمان هي: =