[إشارة إلى أن الصاد عن العترة الطاهرة لا يضر إلا نفسه]
  قام مقامه الذي كان يقومه، فقام إليه جماعة من الأنصار وأقعدوه وأزعجوه [وقالوا له(١)]، وما تحريضك في نصر رسول الله ÷ وقد خذلته وخذَّلت عنه الناس فخرج غاضباً من المسجد، فلقيه جماعة من قومه فسألوه فقص عليهم القصص، وقال: لما قمت لتأييد أمر صاحبهم، أقعدوني كأني قلت بجراً - هذه الرواية، ولم يقل هجراً - قال أصحابه: فارجع ليستغفر لك رسول الله ÷ وتتوب إلى الله فلوى رأسه مستكبراً، وصد عن الهدى متجبراً، فما ضر إلاَّ نفسه) فأشار إلى أن الصادَّ عن العترة الطاهرة لا يضر إلاَّ نفسه، وإن لوى رأسه متكبراً مستغنياً بنفسه، كما فعل المخذول، عبدالله بن أُبي بن سلول، خسر سعيه وأغناه الله عنه.
  ثم عقب ذلك ببرهان واضح وهو أن من قرن الياقوت بالأحجار، وساوى بينهما في جميع الأحوال، لم يتمكن من الفرق الجلي بين العترة الطاهرة وغيرها من الناس، وهذا يتمكن منه من لم يعم العجب وعبادته بصره، واستخدم عقله وفكره، وأدام في الأدلة نظره، ولم يلو رأسه عن هداته، الذين أمره الله - تعالى - بسؤالهم، ونهاه عن منابذتهم وجدالهم، فقال لا شريك له: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء: ٨٣]، وهذه الآية في رسول الله ÷ وفي أهل بيته من بعده لا يعلم لها وجهاً غير ذلك يكشف عنه الدليل(٢).
(١) ما بين القوسين زيادة ساقطة في الأصل.
(٢) ذكر الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل (١/ ١٤٨ - ١٤٩) في الآيات النازلة في أهل البيت $ في بيان معنى قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، عن علي # قال: قال رسول الله ÷: «شركائي الذين قرنهم الله بنفسه وبي أنزل فيهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النساء: ٥٩]، فإن خفتم تنازعاً في أمرنا؛ فأرجعوه إلى الله والرسول وأولي الأمر، قلت: يا نبي الله، من هم؟ قال: أنت أولهم».
ورواه أيضاً عن أبي جعفر الباقر # أنه سئل عنها؛ فأجاب أنها نزلت في علي بن أبي طالب # وأهل بيته.=